بقلم: هيثم السباعي
ننهي اليوم سلسلة المقالات المتعلقة بالإغتيال ولو أن المعلومات التي وردت سابقاً وسترد هنا لم تتمكن من تقديم دليل أو أدلة قاطعة توجه أصابع الإتهام إلى جهة أو أكثر مسؤولة فعلياً عن العمليه، لأنها كلها لا تعدوا عن كونها تكهنات وافتراضات.
٩. إسرائيل: كشفت نفس الوثائق المتعلقة بالإغتيال أن إتصالات عدة جرت بين الرئيسين كينيدي وجمال عبدالناصر تعهدا بموجبها حل القضية الفلسطينية بإشرافهما معاً، وهذا يفسر زيارة چاك روبي لإسرائيل عام ١٩٦٣، حسب الوثائق نفسها التي تعزز الشكوك بعلاقة إسرائيل، ربما غير المباشرة بالإغتيال.
أخيراً وليس آخراً، لابد هنا من العوده للحديث عن چاك روبي الذي اغتال أوزوالد ودوره بالمؤامرة التي نحن بصدد الكشف عن بعض خفاياها.
لا يراودني، شخصياً أدنى شك بأن روبي رجل چي إدغار هـوڤر. وُلِد في شيكاغو عام ١٩١١ لوالدين يهوديين هاجرا من بولندا، وقضى نحبه في الشهر الأول من عام ١٩٦٧ بسرطان الرئه. من السخريه أنه قضى نحبه في نفس المستشفى التي فارق فيها الحياة كل من الرئيس كينيدي وقاتله لي هارڤي أوزوالد.
بدأ روبي علاقته بالجريمة ألمنظمه مع ‘آل كابوني’ وهو في سن المراهقة وعمره ١٦ عاماً. ثم عمل مع المافيا. زار كوبا عدة مرات واتصل بأصدقائه من القائمين على إدارة كازينوهات القمار وترويج المخدرات والرقيق الأبيض. أما في مدينة دالاس فكان يدير عدة نوادي ليلية وكانت له علاقات وثيقة بالعديد من أفراد وضباط شرطة المدينه لأنه كان يقدم لهم المشروبات الروحية والنساء دون مقابل.
حكم على روبي بالإعدام عام ١٩٦٤ ولكنه لم يعدم، كما أن مدعي عام نيو أورليانز “غاريسون” الذي كلّف بإعادة التحقيق بالإغتيال منحه حق إعادة محاكمته التي حددت بأوائل عام ١٩٦٧. نُقل إلى المستشفى قبل موعد إعادة محاكمته بأسابيع قليلة وقضى نحبه قبل الموعد المحدد لها. وقد أخبر معاون عُمدة دالاس بأنهم حقنوه بمصل مضاد للأنفلونزا ولكنه يعتقد بأن الحقنة تحوي خلايا سرطانية أدت إلى سرطنة الكبد والدماغ والرئتين التي كانت سبب وفاته. أي أنه قُتِلَ غيلة كي لا يدلي بأي معلومات تشير إلى الجهة أو الجهات التي كانت وراء اغتيال الرئيس.
لايمكن هنا نفي تواطؤ القاضي إيرل وارن الموكل بالتحقيق بالإغتيال مع الإدارة الأميريكية الجديدة التي أتت بعد إدارة كينيدي بدليل أنه تجاهل لمدة طويلة طلبات روبي الخطية والشفهية التي يرجوه فيها نقله من دالاس إلى واشنطن ليقول الحقيقة التي لايمكنه كشفها هنا -في دالاس- لأن حياته بخطر ويحتاج لحماية ومنحه فرصة أخرى لتقديم عدة معلومات إضافية وإعلام الرئيس ليندون جونسون بأنه لم يكن جزءاً من مؤامرة الإغتيال. لم ينصع وارن لطلبه إلا عندما نشرت شقيقته ذلك الطلب عدة مرات في الصحف ورفض وارن تقديم الحماية له ونقله إلى واشنطن بحجة (كاذبه) وجود عدة عقبات قانونية تحول دون ذلك.
نعود الآن لمناقشة الأسباب التي تقف وراء قرار الرئيس دونالد ترامپ السماح بنشر التحقيقات المتعلقة بالإغتيال في ذلك الوقت بالذات. لا غرو أنه كان يود صرف الإنتباه عن عدد من القضايا السلبية تجنباً لتصعيد الجدل حولها. يمكن تلخيص تلك السلبيات على الشكل التالي، حسب رأي عالم الإجتماع الدكتور ‘داشان ستوكس’ عالم الإجتماع:
١. تفاقم الأزمة الإنسانية في پورتو ريكو إثر تعرضها لإعصار ‘ماريا’ وازدياد الغضب على الحكومة بسبب تباطؤها بمعالجة الأزمة، إذ أبقت على ٧٨٪ من سكان الجزيرة بدون كهرباء لمدة تزيد عن الشهر لأسباب عنصرية بحته.
٢. طريقة الرئيس برد التحية بيد واحدة على فريق إتحاد كرة القدم الذين جثوا على ركبهم عند عزف النشيد الوطني، مما أثار غضباً شديداً.
٣. الصخب الذي أثاره بنقده الجنس أثناء حواره مع مذيعة التيليڤيزيون ‘ميكا بريزنسكي’ عن تخبط الجمهوريين حول إلغاء برنامج أوباما الصحي، وذلك في حزيران/يونيو الماضي.
٤. التحقيقات الجارية حول اتهام روسيا بالتدخل بالإنتخابات الرئاسية التي جرت عام ٢٠١٦.
٥. تهجم الرئيسان بوش الإبن وأوباما على سياسته العنصرية والتمييز بين مختلف طبقات الشعب والتشجيع على التعصب الأعمى الذي يغطيه بتعليقاته غير المباشرة.
٦. خضوع البيت الأبيض لضغوط متزايدة لإعطاء تفاصيل أكثر حول الكمين الذي تعرض له الجنود الأميريكيين في النيجر وأدى إلى مقتل أربعة منهم بتاريخ ٤ تشرين الأول/أوكتوبر العام الماضي ورد الرئيس الفج على زوجة أحد الضحايا.
من الجدير بالذكر، عدا عن السلبيات المذكورة، قام بعض علماء الإجتماع والأطباء النفسيون بإحصاء أكاذيب الرئيس وتصريحاته الكاذبة خلال تواجده في عامه الأول بالبيت الأبيض فوجدوها قد تعدت الألفين، ناهيك عن عدم الكفاءة وتعرضه لفضائح جديدة والتحقيقات الجارية حول تدخل روسيا بالإنتخابات الرئاسية لعام ٢٠١٦.