بقلم: كنده الجيوش
عندما ظهر الفيسبوك لأول مرة كان اختراعا مهما وتسابقت عليه الناس للدعاية ونشر المعرفة والأخبار ومعلومات التاريخ والتسلية بل وحتى نشر اخبار الأفراح ونشر النعوات. وأصبحنا حتى نعرف عن العالم الاخر سواء بلدان او أشخاص اكثر مما كنّا نعرف بالسابق من خلال وسائل الاعلام.
وايضا وصل الفيسبوك الى مراحل بعيدة استعمل فيها في اطر سلبية مثل اثارة النعرات والحروب حينا.. ومراحل إيجابية كبيرة حينا اخرى لنشر الحس الإنساني والمعرفي ومساعدة الآخرين. وهذا الامر لازال قائما الى اليوم. وهو اداة معرفية مهمة جدا سواء كان اصحاب الصفحات أفراد او مجموعات او شركات او او ..
ولكن سرعان ماظهر الحاجة الى شيئ خفيف سريع. وكان اختراعا جديدا وكان الانستغرام حيث جاء باهدافه وصوره وبعضه إعلاني وبعضه تعليمي ونفس كل ماذكر عن الفيسبوك- ولكن دونما الحاجة او المساحة للحديث. وأيضا هو اداة جميلة ومهمة مثل الفيسبوك ولكل ما سبق.
وتطور الامر أخيراً مع تك توك الذي جاء ليملأ فراغا غريبا اغلبه .. وليس كله .. تفريغ لضغوطات الحياة من خلال فيديوهات سريعة غالبها ترفيهي.
وبعض من هذه الفيديوهات خالية من المعنى والهدف وتصل الى التهكم حينا والفكاهة حينا والترفيه الخالي من اَي معنى او الإسفاف احيانا او حتى الشهرة السريعة على حساب الكثير من الأشياء والأسس.
والحقيقة لا اريد ان الوم احد لاننا مع الكورونا والضغوطات التي نعيشها ربما نحتاج – او يحتاج البعض منا – الى الكوميديا الفارغة. ولم لا ؟!! وانا لا احب ان نكون سريعي الحكم او ننصب أنفسنا حكاما على تصرفات الآخرين وهواياتهم واهواءهم طالما هم لا يؤذون احدا بشكل مباشر او غير مباشر. وكما يقال «كل واحد منا يحمل اعباء وهموم لا نعرف ما هي». وحقا الكورونا دفعت بالعديد منا الى دوائر غريبة من الضغوط.
فما ضير الترفيه الغير مضر واؤكد «غير المضر بالمعاني الانسانية والأخلاقية»! نعم كل على هواه! عيشوا الحياة تأتي مرة فقط!
ولكن هناك جانب مهم لا يتعلق بالأشخاص البالغين الذين يصنعون الفيديوهات الموجهة للكبار . الجانب هو متعلق بالأطفال الصغار ممن هم دون العشر سنوات الذين تبدا معارفهم تتكون الان وبدلا من التوجه المكثف نحو القراءة نجد العديد منهم يتابع الفيديوهات الفارغة المحتوى.
ولو ان هذه الفيديوهات تعليمية لكانت مفيدة ولكن اغلبها ترفيهي بحت. واستدرك وأقول أنهم هم أيضا أشخاص ويحتاجون الى المحتوى الفارغ من اجل الترويح عن النفس مثل الكبار وربما اكثر في هذه الأيام العصيبة مع ضغوطات الكورونا… وربما جاءهم التك توك هدية من السماء لصحتهم النفسية.
ولكن لا بد من التركيز على ضرورة عودة الكبار والصغار الى المحتوى المفيد.. عالمنا يتحرك بسرعة ويتغير بسرعة ودائرة معلوماتنا عن الحياة تتسع مع بعض الوسائل والتقنيات الجديدة مثل الفيسبوك والانستغرام والتك توك… ولكنها بنفس الوقت – ومن خلال نفس الوسائل – تضيق! وكل ذلك حسب المحتوى الذي نركز عليه ! انها الخيار!