بقلم / معتصم راشد
أكتب اليوم في ذكرى رحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر وأسأل : ماذا يحدث في سوريا ( الإقليم الشمالى ) ؟ سؤال ظل بلا إجابة طيلة سنوات كاملة حيث بدأت الأزمة السورية ( المصطنعة ) ، وخرجت أعداد كبيرة من أبناء الشعب السورى إلى البلاد العربية المجاورة ، ثم تزايدت أخيرا أعداد اللاجئين .
التقديرات الأولية تشير إلى نحو 300 ألف في الأردن وفى كل من السعودية ومصـــر ضعـــف هذا العـــدد تقريبــاً ، فضلا عمن ذهب إلى لبنان وبقية دول الخليج ، والبعض الآخر إتجه إلى الجزائر .. كل هذه الأعداد والعالم والإتحاد الأوروبى تحديداً لم يرى أو يسمع شيء !!
في يناير 2013 سيطر تنظيم داعش الإرهابى على مدينة ( الرقة ) والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبى والولايات المتحدة لم يهتموا حتى تفاقم خطر هذا التنظيم ، وظهـــرت فكرة ( التحالف الدولى ) لضرب داعش ، وكعادته وقف الأخ ( بوما ) رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ليبشرنا أن مهمة التحالف تحتاج ما لا يقل عن ثلاث سنوات !! إلا أن واقع الأمر يقول أنه في حالة إستمرار التعامل مع داعش على هذا الحال فإننا نحتاج إلى ثلاثين عاما !!
هنا تحضرنى مقولة للرئيس السيسى ، عندما أكد أن إنهيار سوريا يعنى أول ما يعنى سقوط جميع الأسلحة بأيدى الإرهابيين علاوة ما يمثله هذا الإنهيار من تهديد لمفهوم الأمن القومى للعديد من الدول العربية .
لابد أن نعترف هنا أن حادث غرق الطفل ( إيلان كردى ) كان نقطة فاصلة بالنسبة لدول الإتحاد الأوروبى ، لأن الحادث مثّل صدمة عنيفة لأوروبا كلها .
إنتفض الإتحاد الأوروبى ، ورحبت ألمانيا بإستضافة أعداد من اللاجئين السوريين على مدى خمس سنوات بما يعنى أن ألمانيا لديها قناعة بأن الأزمة السورية مستمرة ما لايقل عن الخمس سنوات قادمة !!
وهنا يلزم أن أشير لنقطة هامة يجب أن تؤخذ في الحسبان ونحن نتعامل مع الأزمة السورية ، وتتمثل في أن هؤلاء اللاجئين خرجوا من سوريا ( هرباً من جحيم داعش والإرهابيين ) ، و( ليس هروبا من نظام بشار الأسد ) كما يحلو للبعض أن يصوره ، لأن هؤلاء السوريين تعايشوا مع نظام الأسد وإن كان البعض منهم له تحفظات عليه ، إلا أن هذه التحفظات لم تدفع أي منهم للجوء للهرب من البلاد .
ما يستوقفنى فيما يحدث حاليا وأحذر منه أن ما يحدث اليوم يذكرنى بما حدث عام 1992في يوغوسلافيا تحديدا ، وبالتالي علينا أن نتوخى الحذر لعدم تكرار ذات السيناريو الذى نجح في تفتيت يوغوسلافيا إلى عدة دول بعد حرب أهليـــــة ( دينية عرقية ) دامية ، وأعود لأكرر للأسف لم ينتبه أحد بالقدر الكافى إلى أن ما يحدث اليوم هو بمثابة ( نقل ) هذا النموذج داخل المنطقة العربية ، والبداية تبدأ من سوريا !!
السؤال الذى يطرح نفسه ، هل مسعى ( نجيب ساويرس ) يصب في صالح تنفيذ هذا السيناريو ؟ بالتأكيد يصب في صالح نقل ما حدث في يوغوسلافيا إلى المنطقة العربية فأحذروه!!
إننى أحذر ، ولابد أن نعمل جاهدين حتى لا يصل هذا السيناريو إلينا ، وقد كان مخططا له هنا في 2013 لولا ثورة يونيو ، لكن هل هذا يعنى زوال الخطر ؟ نعم زال إلى حد كبير لكن يبقى محتملا وقائما وسيظل كذلك ما بقيت دول المنطقة العربية مهددة بالإرهاب والإرهابيين .
مــا يحدث اليـــوم يا سادة تفريغ لـ ( سوريا ) ، خاصة أن التاريخ الإنسانى يحدثنا عن هجرات من هذا النوع ، وأفرغ مناطق من سكانها لأسباب عرقيه وعنصرية .
ستالين فعل شيئا من هذا في بعض الجمهوريات السوفيتية ، وفى مواقف كثيرة حدثت هجرات بسبب الحروب التي كانت تتم لأسباب إقتصادية ، واليوم نحن وكما أوضحت إزاء عمليه لإفراغ سوريا من هذا النوع !! ومن المؤكد أن هناك مؤامرة لـــدفع الأمـــور على هذا الحال لأن الذين ينزحــون إلى أوروبا – غالبا – لن يعودوا إلى الوطن الأم !!
الأمر المؤكد – هنا – إننا أمام سيناريو وضع للمنطقة ويجرى تنفيذه يقوم على تفتيت الدول وتهجير سكانها ، سوريا وليبيا نموذجاً وما جرى في العراق عايشناه ونراه إلى يومنا هذا .
إننى أحذر مما يحدث في سوريا ، وأؤيد الموقف الروسى الصينى لإتخاذهما موقف جاد لوضع حد للأزمة السورية ، التي لا يمكن أن ترى النور ، إلا بدعم نظام الرئيس السورى في مواجهة الإرهاب الصهيوأمريكى المتمثل في تنظيم داعش ، والمدعـــوم من الولايات المتحدة الأمريكيــــة !! أما فيما يتعلــــق بالموقف الغربى الذى لا يرى مانع من أن يكون بشار الأسد ( ضمن إطار الحل لفترة إنتقالية ) !! فهذا مردود عليه ، بأن بقــــــاء بشار الأسد من عدمه رهن بإرادة الشعب السورى فقط ، وواقع الأمر انه لو كانت هناك معايير تحكم بقاء الرؤساء من عدمه ، فإنه من الأولى ووفقاً للرؤية العربية أن يرحل ( بوما ) الذى تعاون ودعم التيارات الإسلامية المتشددة .
اللهم إنى قد بلغت اللهم فإشهد
وللحديث بقية …