بقلم: كنده الجيوش
كانت جميلة جدا ومهمة جدا زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس إلى العراق. والحق يقال هذا الرجل هو رجل سلام ومحبة بكل المعاني والمواقف وخاصة في أوقات عصيبة كأيامنا هذه… وهذا الرجل ينتمي إلى مدرسة دينية كبيرة تتجاوز الطوائف والأديان. والبعض منهم مسيحي ومسلم وأي ديانة أخرى تدعو إلى المحبة والإنسانية بشموليتها.
كانت زيارته أول زيارة حبريه يجريها بابا الفاتيكان إلى العراق في التاريخ.
وقال البابا إن البعض قد يتهمه «بالهرطقة» لأنّه يلتقي مع زعماء العالم الإسلامي، ومن بينهم المرجع الشيعي الأكبر آية الله علي السيستاني.
وأضاف إن لقاءاته وزياراته إلى دول العالم والشخصيات المختلفة لا تأتي من أهواء شخصية، بل بعد صلاة وتفكير ونقاش، مشدداً على أهمية الحوار بين الأديان، ومفاهيم الأخوة.
وعن زيارته للنجف قال «إنه شعر بالحاجة لأن يقوم بزيارة حج وتوبة، وبلقاء رجل حكيم، رجل الله. ولفت إلى أن هذا الأخير تصرف باحترام كبير.
وقال بأنه سيزور لبنان وسوريا في قلبه وكل قضايا النساء.
وعندما اذكر البابا هنا لابد أن اذكر بعض رجالات الدين الكبار والكبار جدا في عالمنا العربي وعالم المسيحيين والمسلمين والإنسانية جمعاء. هؤلاء الرجال هم بعض الأسامي من الأسماء الكبيرة وليس كلها وهنا أوردهم كمثل حتى نترحم على الأموات وندعو للأحياء منهم بالتوفيق.
وكذلك لا تغبن حق كل رجل دين حتى لو كان يعمل في قرية صغيرة نائية لان أثره بأرواح الناس كبير وخاصة إن كان يدعو للمحبة والسلام… وطبعا ليس كل رجالات الدين يمكن تصنيفهم في مدرسة المحبة.
واذكر هنا اسم الكبير الراحل أغناطيوس الرابع هزيم السوري الجنسية الذي شغل منصب بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس خليفة بطرس وبولس لإنطاكية العظمى بين ١٩٧٩ و٢٠١٢.
لم يكن «صاحب الغبطة» يرضى بأنصاف الحلول بما يخص الإنسان الذي «خلقه الله على صورته ومثاله»، وكان دائم النصح لرعيته الكبيرة: «كونوا على صورة الله، فهو لم يخلقكم بمفردكم بل خلق معكم الآخر، وعليكم أن تقبلوا هذا الأخر، وأن تتعاونوا وتتكاملوا وتتحاوروا معه لتكتمل بذلك الحياة».
ترك هزيم بصمة لن تُمحى من تاريخ الأرثوذكس في الشرق، وهي أنه البطريرك الأول والوحيد في سلسلة البطاركة الـ165 الذين تعاقبوا على عرش إنطاكية، الذي أنشأ جامعة.
وكذلك البابا شنودة الثالث باب الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وسائر بلاد المهجر وكان أول أسقف للتعليم المسيحي قبل أن يصبح البابا، وهو رابع أسقف أو مطران يصبح البابا.
وعرف بمواقفه الوطنية الكبيرة وقد كان من الكتّاب أيضًا إلى جانب الوظيفة الدينية العظمى التي يشغلها، وكان ينشر في جريدة الأهرام الحكومية المصرية بصورة منتظمة.
ومن أقواله :» ليس القوى من يهزم عدوه وإنما القوى من يربحه. – إن ضعفت يوماً فاعرف أنك نسيت قوة الله.»
ولا ننسى هيلاريون كابوتشي أو كبوجي السوري الذي أصبح مطرانا لكنيسة الروم الكاثوليك في القدس وعرف بمواقفه الوطنية المعارضة لسياسة الاحتلال الإسرائيلي ودعم المقاومة. اعتقلته سلطات الاحتلال أثناء محاولته تهريب أسلحة للمقاومة، وحكمت عليه محكمة عسكرية بالسجن 12 عاماً. أفرج عنه بعد 4 سنوات بوساطة من الفاتيكان وأمضى بقية حياته بالمنفى في روما. وان كنّا اليوم ندعو دوما للمقاومة السلمية ونرفض السلاح إلا أننا لا ننسى انه كان وطنيا ولايزال في ذاكرتنا.
وأسماء كبيرة كثيرة مهمة لا يسع المكان هنا بإيرادها. ولا ننسى أبونا مكاريوس وهبي الذي كان أول من سعى ليحمي ويعيد إلى الحياة لغة السيد المسيح الآرامية من خلال عمله ومن خلال كنيسته للملكيين الكاثوليك في أوتاوا أثناء أوج الحرب في سوريا.
وهنا اذكر وأترحم على أبونا أفرام في مدينتي الحسكة في سوريا الذي حفر في ذاكرتنا السلام الذي يحمله القسيس ورجل الدين.. وكل رجال الدين من مختلف الأديان والطوائف الذين قبَّلنا أياديهم كأطفال وكذكرى للسلام والمحبة.
وسلام إلى أبونا ربيع الخولي في تورونتو اللبناني الذي ترك الغناء ليصبح رجل دين يدعو للمحبة .. بشكل آخر! وعندما سمعت غناءه أختي الصغيرة (وهي تعيش مع متلازمة المحبة داون) ونطقها صعب وذاكرتها ليست قوية.. وتذكرته وبكت لأنه ربما بصوته لامس إحساسها بطفولتها ووطنها الأول سوريا قبل أن تصبح كندا أما ثانية لها.
كل المحبة لكم جميعا.