بقلم: سليم خليل
لم يمض وقت طويل على استسلام النازية في الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥ واستقلال عدد كبير من الدول المستعمرة حتى بدأ صراع عالمي جديد لإستقطاب الدول المتحررة إلى معسكرين غربي رأسمالي وشرقي شيوعي إشتراكي ؛ وكان من قرارات الدول العربية بعد تأسيس الجامعة العربية التعاون والدفاع الجماعي المشترك ؛ لذلك توجًب قبل إرتباط أي دولة عربية بأي معسكر بحث أي معاهدة جديدة في البرلمانات إذا وجدت ثم في الجامعة العربية ، أما في دول الممالك والإمارات فكانت الأمور محسومة لأن الإنتماء واضح .
في سوريا كان للأحزاب التقدمية عدد كبير من النواب وكانت لهم الكلمة المؤثرة في القرارات المصيريًة مثل معاهدات الدفاع؛ هذه المجموعة من النواب الذين
مثلوا الأحزاب إستقطبت الشباب المثقفين في الجامعات والكثير من عامة الشعب بعد المعاناة من مشاكل القضية الفلسطينية؛ وأصبح استقطاب الدول مثل سوريا إلى معاهدات يخضع إلى مفاوضات ومظاهرات في الشارع نظمتها الأحزاب وهذا ما دفع القوى العظمى للتفكير بأن المحادثات مع حاكم واحد أسهل من مناقشات فيها معارضة ونشر غسيل من نواب ووزراء وأحزاب وبرلمان وجامعة عربية .
صباح يوم ١١ أيار/مايو ١٩٤٩ فوجئ الشعب السوري ببلاغ رقم واحد عبر محطات الراديو يعلن إستلام الجيش السلطة بقيادة قائد الجيش اللواء حسني الزعيم الكردي الأصل والذي خدم في الجيش التركي ثم في الجيش الفرنسي وهو من مؤسسي الجيش العربي السوري بعد الاستقلال.
من أولى قرارات العهد العسكري الجديد حل البرلمان والأحزاب السياسية واعتقل رؤساء الأحزاب وتسليم أنطون سعادة مؤسس الحزب القومي السوري للحكومة اللبنانية ليتم إعدامه بتاريخ ٨ تموز/ يوليو بعد محاولة إنقلاب فشلت في لبنان .
بعد ثلاثة أشهر وبتاريخ ١٤/٨/١٩٤٩ قام اللواء سامي الحناوي بثاني إنقلاب عسكري وتم إعدام حسني الزعيم ورئيس وزرائه محسن البرازي وأعاد بشكل صُوَري السلطة إلى السياسيين برئاسة هاشم الأتاسي (٧٥ عاما) الذين كانوا من مشجعي التقارب بين سوريا ومملكة العراق حيث كانت المصالح النفطية البريطانية مسيطرة .
بعد أربعة أشهر من الإنقلاب الثاني بتاريخ ١٠/١٢/٩٤٩ إستفاق الشعب السوري على إعلان ثالث إنقلاب في عام واحد يعلن تنحي اللواء سامي الحناوي ، وتسيلم السلطة إلى اللواء أديب الشيشكلي الذي أبقى هاشم الأتاسي في منصبه الشكلي . كان أديب الشيشكلي ميالا إلى الحزب القومي السوري وفتح المجال للقوميين السوريين للمشاركة في النشاط السياسي . في عام ١٩٥١ قام الشيشكلي بإنقلابه الثاني وعزل الرئيس هاشم الأتاسي ليتسلم بنفسه رئاسة البلاد .
في عهده قامت طائفة الدروز في جنوب سوريا على حدود المملكة الأردنية الهاشمية بثورة أخمدها الشيشكلي وتبعها إنشقاق في الجيش في شمال سوريا وقرر الشيشكلي حفاظا على الأرواح التخلي عن السلطة ومغادرة البلاد إلى البرازيل حيث تتبعه أحد أفراد طائفة الدروز واغتاله إنتقاما لدماء أبناء طائفته .
من أقوال أديب الشيشكلي :
إحذروا الجبلين جبل الدروز وجبل العلويين ونحن جمهوريون ولا نحتاج إلى ملك أبدا.
من تصريح الرئيس أديب الشيشكلي أن جمهورية سوريا لا تحتاج إلى ملك ، تظهر بوضوح الضغوط الخارجية من مملكة العراق في الشرق ومملكة الأردن في الجنوب لضم سوريا إلى معسكرهما الملكي .
بعد الإنقلابات العسكرية في سوريا حدثت عدة إنقلابات في جمهوريات عربية يُعتقد أن الهدف كان مماثلا لما جرى في الجمهورية العربية السورية لتسهيل تمرير عقود ومعاهدات و.. و.. و.. و…
نزار قباني :
يا شام إن جراحي لا ضفاف لها
فامسحي عن جبيني الحزن والعتبا
وقع الرئيس أديب الشيشكلي معاهدات تنمية مع الولايات المتحدة .
































