بقلم: كلودين كرمة
لقد طال انتظارها ونحن نأمل منها أن تأتى بما ترجيناه منها وحملناه إياها من آمال وأفراح نطمع أن نحياها فى أيامها السعيدة بعد ما مرت بنا أيام غير مرغوب بها فى سنة انتهت بالفعل…
كل عام وفى نفس الميعاد تقريبا نشعر بأننا سنترك خلفنا الهموم والتعب والصعوبات وننتقل سريعا بخطوات جريئة نحو مستقبل اكثر اشراقا يملؤنا الحماس والإصرار على اعتلاء عرش طالما وعدنا أنفسنا به ونتخيل أنفسنا فى ظروف صحية واقتصادية أفضل ، وندعو أن تستقر أحوال البلاد ويعم الخير ويقهر الشر وأعوانه .. وكأنه شريط مسجل مسبقا ونعيد تشغيله فى هذه المناسبة تحديدا.. ونلتقى ونمد أيادينا لبعضنا البعض ونتبادل العناق والقبلات تأكيدا على حسن نوايانا في بداية جديدة تمنحنا فرحتها كل ما حرمنا منه فى أعوامنا السابقة.. وكأن الأبواب المغلقة قد فتحت على مصراعيها وتفسح لنا المجال لاجتياز الحدود بطرق آمنة وصولا إلى غاياتنا.
وفى هذا تكمن قوة الروح فإنها تصر على الاستمرار لا تعرقلها العراقيل ولا تعوقها عائق عن السعى الدائم للوصول للهدف المنشود الذى هو بمثابة الهدف من الحياة ذاتها. فالطفل يحلم بلعبة جديدة ، والولد بالانضمام إلى فريق جديد سواء فى الرياضة أو الموسيقى إذ يسعي للشهرة واثبات النجاح والبنت تتخيل إنها فى أبهى ثياب وأرفع مقام تجذب إليها الجميع إعجابا بذكائها وجمالها ، والشاب يحلم بسيارة فخمة يجول فيها مع أصدقاؤه أنحاء المدينة ، والشابة تتمنى سماع الوعود الجميلة بحياة يملؤها الحنان ويحميها الحب من غدر الزمان ..والأكثر نضجا ممن تحققت لهم هذه الآمال فإنهم يصرون على تغيير الأوضاع ووضع الأمور فى نصابها الصحيح حتى تستقيم وينعمون بالاستقرار الذى لا تزعزعه تيارات الحياة فيسعدون بحصاد السنين .
فكل منا له أحلامه وأن حققها يسعى لتحقيق غيرها فالأمنيات كثيرة والرغبات مثيرة تتلألأ فى الأفق وتجذب إليها العيون وتتعلق النفس عشقا بها ، فتسعى دون توقف حتى تنالها وهكذا دواليك وتستمر الحياة منتقلين من عام إلى عام نتغلب على السلبيات باحثين عن الإيجابيات.
وهذا سر استمرار الحياة وبهجتها إننا نجتهد أن نفتح أمامنا طاقات جديدة تطل على طرق مشرقة تحفها مشاعر نبيلة متجددة من جهة و من جهة أخرى أحباب وأصدقاء يصرون على متابعة الحياة معنا يشدون من أزرنا ويغمرونا بالحب والرعاية ويحمونا من تقلبات الأيام. فكم هو سعيد من يخطو أولى خطواته على أعتاب العام الجديد وهو واثق الخطوة محدد الهدف لا يصرفه عن تطوير حياته فى أبهى صورة، كائن من كان ، بل يصر مع بداية عام جديد أن يبدأ حياة جديدة.
فلنزين بيوتنا ونضئ الأشجار احتفالا بعيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية ، فلنبتهج ونسعد معا واثقين من رعاية الرب لنا ولنتذكر قدومه إلى عالمنا حتى يعلمنا معنى السلام والتواضع والمحبة العاملة التى تهتم بالفقير وترعى الأرملة واليتيم وتشبع الاحتياجات حتى ننعم بالرضى ونقدم بدورنا العون لكل من كان بحاجة اليه ولا تمتد أيدينا إلا بالخير ونتغاضى عن الشر ونشجب العنف ونصلى من أجل الذين يسيئون إلينا حتى نستأصل عروق الشر من جذورها حتى لا تبث سمومها القاتلة فى نفوسنا. فهذه هى امنية كل إنسان سوى أن يسود السلام حتى نستمتع ببهجة الحياة ونحقق الهدف الذى خلقنا من أجله.