بقلم: كلودين كرمة
اشتاق الى الزمن الجميل الذى كان يتسم بالرقى والجمال و السمو و النقاء والجدية والالتزام والمرح والحب.
نعم أشتاق الى معانى عاشت فينا فحيينا بها، اشتاق الى مبادئ بنيت عليها حياة ، والى اخلاق ميزت جيل مضى ..واحسراتاه….
انى ابحث عن علم ذو منفعة ولا ضرر او اذى..ابحث عن حب يفيض من القلب كما تفيض المياه من الينوع دون حساب…
اين اجد الراحة دون قلق والآمان دون خوف..والبسمة دون حزن؟؟
هل هناك احد فى هذه الأيام – التى ندعى فيها التنعم بوسائل الراحة التى لا تحصى ونسعد بالتقدم التكنولوجى- يستشعر السعادة الحقيقة التى تملأ النفس بالسلام فتبقى ثابتة راسخة لا تهاب ولا تخشي اى شئ وتبقى ثابتة بل وتسند من ضعف وتعين من ليس له معين..؟؟
الاجابة بنعم ستكون مجاملة او وهم ننسجه بخيالنا حتى نعيش فى افق بعيد نكاد لا نراه ويصعب علينا ان نتحقق من وجوده..
للأسف المشاعر باتت مغلوطة.. وأصبحت كالعملة لها وجهان..فنرى ان الحب يمتزج معه الكره والضحكة معها دمعة والثقة لا تخلو من الشك.
ومع اختلاط المشاعر ترتبك الافكار فتضطرب النفس ويصبح الصراع قائما ليس فقط بالإنسان والمحيطين به بل بينه وبين نفسه ايضا ؛ فلم يعد يستطيع ان يجزم بشكل قاطع ان كان يريد هذا ويرفضه او انه يريد الاقتراب ام يفضل البعد والهجران
او هل يريد الاستمرار فى مجاله ام ير يد الإحجام..هل هو راض عن حياته ام مستاء..هل يبغى التغير ام الثبات..
ونرى الانسان يعيش فى صراع بين وبين نفسه، وبينه وبين مجتمعه فلا يعود ذلك عليه بالخير من اى جهة ؛ فيرتبك تفكيره وتهتز ملامح شخصيته فلا يأمن له من يتعامل معه فيزيد .ذلك من الامر سوأ..فهى دائرة ندور فيها او يتثنى لنا ان نشبهها بالمتاهة التى يبحث فيها العقل عن مخرج او طريق آمن للخروج محققا نجاحا يبعث فى النفس الامل انه مازال يوجد هناك محاولات تبؤ بالنجاح ولو على المستوى الشخصى وان كان ذلك يحتاج الكثير من الوقت حتى ينتقل من الشخص ذاته الى المحيطين به..
اشتاق ايضا الى الجمال بكل معانيه..الجمال الخارجى والداخلى ..فالجمال الخارجى هو الهندام والتأنق والجمال الداخلى هو صفاء الروح وارتقاء الذهن وتعفف النفس وانتقاء الافكار والرقى بالمشاعر والبساطة فى التعامل واللين والمروءة و الشجاعة والصبر والتعقل ونستطيع ان نسرد المئات من الصفات الحميدة التى يمكن ان تتزين بها النفس الانسانية فتظهر جليا فى العيون وتصبح عيوننا جميلة ، نظراتها ثاقبة وصادقة تتميز بالذكاء و تخلو من الخبث والدهاء والشر.
فالعاشق للجمال يسعى ان يراه فى كل من حوله فلا يضع عيوبهم امام عينه ويهاجمهم وقد يصل الامر الى الإضرار بهم ..انما يره الخصال الحميدة فيمدحهم ويكسب ودهم ..فالذكى هو من يكثر من اصدقاؤه و بقدر الامكان يسالم جميع الناس فلا يكون هناك اعداء له فينعم واياهم بنوع من السلام الذى ينبذ العنف ويندد به ويقينا شر عواقبه.
وايضا يجب ان نرى الجمال فى كل ما يحيط بنا من امكنة سواء فى بيوتنا او شوارعنا ..فيلزم علينا ان نحافظ على جمال بيئتنا ونحميها ..فكم تسر العين وتبتهج النفس برؤية الطبيعة الخلابة كما خلقها الله سبحانه وتعالى بدون تلوث ..
فكم من القوانين تشرع لحماية الفرد والبيئة ولكن الى وقتنا هذا
لا نزال نعانى من نقص فى هذان المجالان .فالكثير من الشعوب مازال يعانى افراد مجتمعها من الفقر والذل والمرض والتميز العنصرى والاضطهاد الدينى ولا يتمتعون بأدنى حقوقهم فى التعليم والعلاج ولازال ما يتقاضون ما يأمن لهم العيش الكريم
ويمنحهم نوع من الاكتفاء الذاتى وعزة النفس.
وأيضا يستمر وبوضوح الاعتداء على البيئة بسبب القاء المخلفات باختلاف انواعها فى البر والبحر والنهر!!!
وإذا اردنا ان نكون علي قدر من المسئولية فيجب ان نتخذ خطوات ايجابية ضد التلوث السمعى والبصرى الذى يعود بالسلب على نفيسة الانسان وبالتالى يظهر جليا فى ردود افعاله ..فكيف له ان يكون مبتسما وراضى النفس وهو لا يستطيع ان يخطو فى اماكن خالية من المؤذيات – اقصد الكلاب الضالة والخطرة فى بعض الأحيان.. وأيضا القمامة التى تعكر صوفه وتكون سببا مباشرا فى مرضه وأولاده – ناهيك عن صعوبة الانتقال نتيجة لعدم الالتزام بقواعد المرور والطرق الغير ممهدة وذلك يكون سببا مباشرا فى حوادث الطرق مما بهدد امنه.
وماذا قول عن تلوث الهواء .. فأصبح الفرد محروم حتى من استنشاق الهواء النقى الذى بنسبة الاكسجين الكافية لصحة ذهنه وبدنه.
اليس للإنسان ان يعيش آمنا فى وطنه معززا مكرما مدام يقوم بواجباته ويسدد ما عليه من ضرائب ويتحمل اعباء الغلاء..اليس من الظلم – وضد حقوق الانسان ان يعيش ذليلا على ارضه.
فالمذلة ليست فقط فى الاستعمار انما ايضا فى استغلال المواقف لمصلحة البعض على حساب الآخر .. وان بنصف واحد رغم ادانته و يحكم على آخر رغم براءته.
وفى النهاية احب ان اذكركم بانى كنت عن الجمال اتحدث فلا تتفقون معى ان للجمال وجوه كثيرة وانه لا تكتمل الصورة إلا وأصبحت بكل تفاصليها تعبر عن سعادة اسمى ما فى هذه الحياة وهو الانسان.