بقلم: هيثم السباعي
ننهي اليوم سلسلة المقالات المتعلقه بطالبان، الحركة الإسلامية المغرقة بالتطرف وساعدت على صعودها الظروف المحيطة بها محلياً وإقليمياً ودولياً. نحاول في النهاية إستجرار بعض الإستنتاجات المتعلقة بها وبإمكانية استمرارها، وماهي علاقتها بالمنظمات الإرهابية الأخرى.
٣. بداية بدون نهاية:
ساعد على سرعة انتشار حركة طالبان وإقبال الأفغان عليها في العديد من الولايات، خاصة الجنوبية والشرقية عدة عوامل داخلية وخارجية.
كان من أهم العوامل الداخلية إغتيال أحمد شاه مسعود قائد تحالف الشمال المناوئ العنيد للحركة على أيدي عناصر يشتبه بانتمائها إلى الحركة. كان أيضاً للحروب الأهلية التي نشبت بين فصائل المعارضة الأفغانية بسبب الصراع على السلطة وإيمان كل طرف بأنه الأحق بالحكم والتي أوقعت عدداً كبيراً من الخسائر البشرية بلغ أكثر من أربعين ألفاً، عدا الخسائر المادية الجسيمة وفشل الوسطاء الدوليين بوضع حد لهذه الحروب، ما جعل قطاعات كبيرة من الأفغان بالأقبال على الحركة التي رأوا فيها وسيلة لتخليص بلادهم من ويلات تلك الحروب وإعادة الأمن والإستقرار.
ساهم انقسام أفغانستان بين الجماعات والفرق المتناحرة بعد دحر قوات الإحتلال السوڤييتي بنشر فوضى عارمة في البلاد وأصبحت تهدد وحدتها لأن حكومة رباني ومسعود كانت تسيطر على سبع ولايات فقط في الشمال والوسط بينما يسيطر القائد الشيوعي السابق رشيد دوستم على ٦ ولايات في الشمال، وكانت “شورى ننجرهار” تحكم ٣ ولايات في الشرق وإدارة إسماعيل خان تتحكم بغرب أفغانستان، إضافة إلى العديد من الولايات التي كانت دون أي نوع من الإدارة، فكانت حركة طالبان أملاً للشعب في المحافظة على وحدة البلاد ومنع انشطارها.
تركت الحقبة الشيوعية رواسب أخلاقية فاسدة انتشرت في مجتمع محافظ بطبيعته بشكل لايمكن معه التحكم بها في بعض الولايات بسبب الفوضى الإدارية ماجعل حركة طلاب المدارس الدينية (طالبان) – التي أخذت على عاتقها محاربة هذه المظاهر – تلقى صداً طيباً في نفوس الأفغان.
عانت أفغانستان أيضاً في تلك الحقبة من إنفلات الوضع الأمني تمثل باختطاف السيارات خاصة التابعة للمؤسسات الإغاثية وأعمال السلب والإشتباكات المسلحة التي تقع بين المجموعات المسلحة داخل الأماكن المزدحمة مما كان يسفر عن عشرات القتلى ومئات الجرحى. كما نتج عن ذلك ابتزاز الأموال وفرض الأتاوات، لذلك رغب الناس في أي سلطة تعيد الأمن والإستقرار وتمنع هذه الإنتهاكات مما مهد الطريق أمام طالبان الذين استطاعوا التخلص من هذه التجاوزات ومن آثارها.
آخر عامل من العوامل الداخلية التي ساعدت على صعود طالبان هو ظهور طبقة من أثرياء الحرب بعد انتهاء الحرب الأفغانية – السوڤييتية بسبب الإتجار بالمعادن والأحجار الكريمة والأسلحة والذخيرة وأكوام الحديد الخردة التي خلفتها الحرب إضافة إلى تحكم بعض ذوي المناصب بواردات الجمارك والضرائب الحدودية، فأصبح هناك طبقة ثرية وسط شعب يعتبر من أفقر شعوب العالم مما خلق شعور بالحنق على هؤلاء وقد رغبوا أن تخلصهم حركة طالبان منهم وتعمل على إعادة توزيع الثروة في البلاد بطريقة عادلة.
ننتقل الآن للحديث عن العوامل الخارجية التي ساعدت على ظهور الحركة. كان لباكستان مصلحة بوجود حكومة صديقة في أفغانستان لتسهيل عملياتها التجارية مع جمهوريات آسيا الوسطى، ولم تجد بغيتها في حكومة رباني ومسعود التي اتهمتها بالتعاون مع الهند وحاولت الإطاحة بتلك الحكومة عن طريق حكمتيار ولكنها فشلت في ذلك، فلما ظهرت حركة طالبان سارعت باكستان إلى دعمها والتعاون معها.
أما الولايات المتحدةفقد تقاطعت مصالحها في البداية مع مصالح طالبان في البداية فلم تمانع في ظهورها ولكن هذا الوضع انقلب فور اختلاف المصالح وأصبحت من ألد أعدائها. رغبت الولايات المتحدة بالبداية ضرب الأصولية الأفغانية بأصولية أشد منها حتى تخلو الساحة لجماعة أصولية واحدة يمكنها السيطرة عليها ومساعدتها بتشديد الحصار على النفوذ الإيراني ومنعه من التغلغل باتجاه جمهوريات آسيا الوسطى ومنطقة بحر قزوين الغنية بالنفط الخام.
من دون شك أن الدول التي تتبنى الشريعة الإسلاميه دون وجود قوانين وضعيه إلى جانبها هي منبع الإرهابيين ومصدرهم وتقوم الدول الغنية منها بالتمويل المالي. لن أعدد تلك الدول ولكن نظره سريعه على الجنسيات التي شاركت بجرائم تنظيم داعش الإرهابي تكفي للتأكيد على أن عدد الدول المذكورة ليس بقليل.






























