بقلم: كلودين كرمة
كلمتان ووجهان لعملة واحدة… الواحدة منهم نتيجة الاخرى.
فكل من يشعر بالحاجة يسرع الى اشباعها و بلهفة وبشكل غير قابل للتروى او النقاش… فالرغبة ملحة ولابد من الحصول على ما يبتغيه… ولكن كيف ومتى…؟
وللأسف فى عالمنا من يكون فى احتياج يشعر بالضعف النفسى الذى يؤدى به الى استغلال كل الوسائل والوسائط ليظهر كامل سيطرته على الموقف ويستخدم كل ما اؤتى به من قوة ونفوذ ومال… وتكمن هنا الخطورة البالغة التى يمكن ان تدمر وتكون عواقبها وخيمة… لان الموقف يعتمد على الاخلاقيات التى نشأ عليها الانسان منذ نعومة اظافره… هل بنيت شخصيته بطريقة سويه وهل تفكيره تغذى بالمنطق السليم. هل هناك بعض المبادئ الانسانية زرعت بداخله ونمت فروعها واشتدت جذورها فلا تقلقل مع تغير الظروف فيلجأ الى رفع شعار أن الضرورات تبيح المحظورات” فيتحول من كائن عاقل الى كائن لا يعى ولا يفهم ولايشعر الا بشئ واحد فقط هو اشباع رغبته الملحة.!!
فالطفل عندما يجوع هو بالنسبة له كالشعور بأي الم أخر فيبدأ بالبكاء وان لم يحصل على ما يبتغى يلجاء الى الصراخ بشدة وهذا طبيعى جدا مع الم الشعور بالجوع فيزيد الأنين والصراخ وحينئذ تبداء مشاعر المحيطين به ان تتأثر فيلتفتون اليه ومنهم من يسرع لتلبية حاجته ومنهم من يتركه ويكون رد فعله عنيف معه حتى لا يعتاد ان يسلك هذا السلوك حتى يحصل على ما يريد!!. ولكل فعل رد فعل بداخل نفسية المتلقى لسلوك المجتمع … وعلى حسب تفكير من هم اكبر او بمعنى اصح من هم بيدهم مقاليد الامور فيبدأ الاضعف ، وفى هذا الوقت هو الطفل الذى لديه احتياج ويعجز عن تحقيقه لنفسه، يبدأ فى دوره تغيير سلوكه حتى يحصل على ما يريد فى اسرع وقت وبأقل مجهود.
ولم يخطر على بال احد ان لايدع هذا المخلوق الضعيف يعانى من اى الم مدام بيده ان يتدارك الموقف فإذا كان لدى من يحيطون به استقرار نفسى وسلام داخلى فإنهم لا بد ان يسرعوا لتلبية حاجته قبل ان يطلب ، هذا بفرض انهم يمتازون بفضيلتى العقل والرحمة…فنرى بسمته الجميله ونشعر بسعادة تعلو ملامح وجهه وتقوده الى الهدوء ونشعره بالطمأنينة والسكينة بل والأكثر من هذا نشعره “بالحب” والاهتمام لأمره..
فنحن بسلوكنا من يرسم على وجهه بسمه تصاحبه طول العمر او غضب و عنف يستقران بداخله على مدى الأيام.
فالامر يعتمد اساسا على من سبقونا وعلى من هم اكبر – لو جاز التعبير-اكبر سنا .. مقاما.. من بيدهم السلطة المطلقة..او المال..او اصدار الأحكام… فبعض الاحيان يتهيأ لنا ان بعض الناس يتعاملون فى الحياة بمبدأ الفك والتركيب وهى ما نسميه بالانجليزية “Puzzle” – اعتذر عن استعمال المسمى بلغة مختلفة ولكن هذا هو المسمي المعروف فى كل المجتمعات حتى في بلادنا العربية، او يسعون الى تنفيذ خطوات لعبة الشطرنج…فهناك من يقص ويلصق ويرتب الاحداث بالشكل الذى يوافقه لتحقيق مطامعه وأهدافه.. وهناك من يعتقد انه يستطيع ان يحقق الانتصار بإزاحة بعض الاشخاص عن طريقه، ليعيد كتابة القصة بما يوافق مطامعه… يا لها من قسوة وسبق اصرار وتعنت.. يؤدى بحياة الاخرين – وليس الضعفاء- فالبقاء يكون للأقوى وليس للأصلح او الاذكي- قانون الغاب القاسي .. ولكن للحيوانات عذر فهى تتصرف بالغريزة، ولكن ما هو عذرك ايها الانسان وما هو دفاعك عن نفسك واين ستذهب من غضب الاخرين … فان كنت لا تخشاهم فاخشى الهك فهو اقدر واقوى ولا يجوز حتى مقارنته لابفهمك ولا بقدرتك…
فإننا طرحنا مجرد مثلا عمليا واحدا وهو مثال الطفل .. ولكن هناك امثلة كثيرة اخري… الرئيس والمرؤوسين .. من هم فى السلطه والمحكومين …المدير والموظفين … صاحب المال والعمال…المعلم والتلاميذ.. عائل الاسرة وأفرادها… الاخ الاكبر واخوته… الغنى والفقير…والكثير والكثير ممن يفرضون افكارهم وأرائهم ليس لأنها تستحق الدراسة والتنفيذ او لأنها سترفع من شأن المجتمع وتحقق التقدم فى مختلف المجالات وتدعم الحضارة… ولكن للأسف لان لهم السلطة والمال والحصانة…