بقلم: تيماء الجيوش
يبدأ النهار لدى معظمنا بتفقد البريد الإلكتروني و مواقع شبكات التواصل الاجتماعي ثم نمضي على هذا المنوال لحين انتهاء ساعات العمل و ما يليها. لدى البعض منا أصبحت إدماناً و بات غريباً الابتعاد عن بعض هذه المواقع و منها (Facebook).
تتطور هذه المواقع وتنمو مسيطرةً على عالمنا الافتراضي و ندرك قوتها عندما نرقب حركة المرور و العدد الذي تجتذبه على مدار الساعة و تفرض بالتالي تأثيرها على عالمنا المادي الذي نعيش و الافتراضي بآنٍ معاً .
كانت تجربة مختلفة تماماً عما سبقها لدى العديد منا مراقبة هذا التطور عبر العقدين الماضيين لنجد هذه المواقع تتقدم و تصبح منصة ضخمة مترامية الأطراف تضم السياسة و الاقتصاد و المرأة و القانون و المجتمع …الخ . ذهب بعض الباحثين في حماسهم الى أن عدم الاستفادة من قوة و عمق تأثير وسائل التواصل الاجتماعي هو أمر بعيد عن الحكمة بل هو جريمة . معظمنا يقر و يعترف بهذا التأثير في عالمٍ سريع التغير و حثيث الخطى. اهمية وسائل التواصل الاجتماعي تكمن في عملية بناء و إبراز ابعاد العلاقات الاجتماعية، الاقتصادية، القانونية ، السياسية من خلال التواصل و هي تُعد بحق واحدةً من اسرع الصناعات حالياً. وهي جميعاً على تنوعها لها خصائصها الفريدة و أهدافها المتنوعة.
المرأة تحديداً و حقوقها و قضاياها لها مساحة و نجاح لا يُستهان بهما إن استطاعت استثمارهما بالمطلق في وسائل التواصل . فمن خلالها يُمكن للمسألة النسوية أن تجد دعماً و تنسيقاً و إبداعاً وتبادلاً للخبرات ، بل و توّلد رأياً عاماً يدفع لمزيدٍ من العدالة و احترام دور القانون و حقوق الانسان. و لن يكون عصياً حينها الوصول الى المُشرعين و صانعي القرار و السياسيين لتحقيق هذا الهدف او على اقل تقدير مناقشته و تبادل الآراء بشأنه.
ولعل المثل الأقرب زمنياً لنا (OrangeTheWorld)
حيث شهدنا المجتمع الدولي يحتفل و لمدة ستة عشر يوم من كل عام ( من ٢٥ تشرين الثاني الى ١٠ كانون الاول) عبر فعالياتٍ مختلفة تهدف الى زيادة الوعي و مناهضة العنف ضد المرأة ووقفه ، تلون العالم بالبرتقالي في رمزيةٍ شفافة و الدعوى لوقف انتهاكاتٍ باتت معيبة بحق المجتمعات المدنية و لا ترقى للمبادئ و القيم و للحضارة بشيء .
أيضاً هناك حركة HeForShe التي اطلقتها سفيرة النوايا الحسنة Emma Watson
في العام ٢٠١٤ ولا أُخفي سراً إن قلت أن هذه الحركة متوازنة و ذكية فقد قامت أساساً على دعوة الرجال للانضمام الى الحركة لتحقيق المساواة بين الجنسين من خلال الالتزام بانهاء التمييز و ووقف انتهاك حقوق المرأة و دعوة الآخرين للانضمام اليها.
كما و أكدت الحركة من خلال تقاريرها و صفحاتها أن العالم يشهد نقطة تحول هامة فالجميع يفهم و يدعم المساواة بين الجنسين كما و يفهم الجميع أيضاً انها ليست أمراً نسوياً بحتاً خاصاً بالمرأة و ذلك لسببٍ بسيط ألا و هو أن حقوق المرأة هي جزء لا يتجزأ من حقوق الانسان و لهذا لا بد من ان تتشكل قوة تتمتع بالشجاعة و الوحدة تدفع نحو المساواة يداً بيد رجالاً و نساءً. و الاهم الدفع باتجاه مزيدٍ من الانسانية.
و كان من أبرز نجاحات هذه الحركة الحملة التي قامت في الباكستان (Pakistan ) و استمرت على مدى يومين حيث نجح فريق من الطلاب في جامعة الهندسة و التكنولوجيا من الحصول على مشاركة و توقيع اكثر من ٥٠٠٠ رجل و شاب في باكستان للالتزام بـ HeForShe
في الأقطار العربية تحتاج الحركة النسوية و بعد تغييب ليس بالقليل لحرية الرأي و حرية التجمع لاستثمارٍ كامل لوسائل التواصل الاجتماعي و الدفع لدعم القضية النسوية و تشكيل رأي عام يُساند حقوق المرأة و مبدأ المساواة . لم يتحقق التغيير المنشود سياسياً و تشريعياً و اقتصادياً و اجتماعياً . المحاولات لا زالت محدودة و غير جذرية،إذاً لما لا نطرح على أنفسنا السؤال هل نريد التغيير؟ ما هو نوع هذا التغيير؟ متى نريده؟ كيف لنا أن نستفيد من social media ؟
إن كانت المساواة هي مبدأ التزمت به معظم المجتمعات وحكوماتها ، فهل آن الأوان لتحقيقه وإحداث التغيير في الأقطار العربية؟
من المفيد الاستعانة بتجارب الآخرين و من المفيد أيضاً وجود الاستراتيجية و الخطة المناسبة المعتمدة على وجود وسائل التواصل الاجتماعية فهي أساسية لأنها تقوم بالنشر و التعريف بالمبادئ و القيم لأي مشروعٍ او ملف كان و بشكلٍ واضحٍ و محدد و بهذا يتم جذب الجمهور ليس هذا فقط بل و الحفاظ عليه و تطويره و غياب مثل هذه الخطة هو ضرر اكيد .
انتهى عقدان من الألفية الثانية لعل العقد الثالث هو عقد المرأة العربية بحق.
أسبوع سعيد لكم جميعاً.