بقلم: فريد زمكحل
تعلَّمت منذ نعومة أظافري وحتى اللحظة أن أشكر الله دائماً وابداً على فيض ما أنعم به على شخصي ، سواء من نجاحات رافقتني أو إخفاقات اعتراضتني، وكنت أنسب كل نجاح لازمني إلى الله وكل خيبات ألمتني إلى ذاتي، مع أنها علَّمتني البحث عن أسبابها وصولاً لتطويع الذات وتهذيب النفس استنادا على الله لكي ترتقى وتقترب من كل ما هو جيد وإيجابي.
لم اتنكر لمنّ علمني حرفاً، كما لم أتكبر على أحد مهما كان موضعه من الإعراب، لأننا جميعاً من تراب وإلى التراب نعود، وجميعنا من خلق الله خلقنا على صورته وكشبهه، ومنحنا العقل لنميز به بين الخير وبين الشر، ولنزن به أفعالنا وخطواتنا وسلوكنا على المستويين الشخصي والعام .. مع الذات ومع الآخرين وهو الذي علمنا ضرورة أن نحب لأنفسنا ما نحبه لغيرنا أي كان موضع ومكانة وماهية هذا الغير، لذا تجدوني في غاية العجب والدهشة مما أراه وأُشاهده من ممارسات لا تتوافق مع مطالب الله العادلة..
خاصة حينما أنظر لتلك المحاولات المستميتة للنيل من مصر من بعض دول الجوار التي احتضنتهم مصر ووقفت إلى جانبهم مالياً وتعليمياً وإنسانياً قبل أن ينتقل بهم البترول وعائداته الكبيرة من سكنى الخيام وركوب الجمال إلى آفاق التطوير والتقدم الذي كنا نحبه لهم ونتمناه في الوقت الذي كانوا يعملون فيه لاستهداف أمن مصر وآمان المصريين من خلال تمويل وتدريب جماعات الإرهاب والتطرف المسلحة الذين يحتضنونها مالياً ويحددون أهدافها الإجرامية ضد مصر وشعب مصر عملياً طمعاً في تغيير التاريخ الذي كانوا يقبعون خارجه حتى وقت قريب، لولا مصر والبعثات التعليمية المصرية التي كانت ترسل إليهم وتتحمل جميع نفقاتها السنوية الخزانة المصرية والشعب المصري .
أقول هذا لهذه الدويلة التي تُدعى قطر .. لعلها تتقي الله بمَّن أحسنوا إليها وعلموها الفرق بين الألف والياء، ومعنى العزة والكرامة والوطنية، في الوقت الذي تناست فيه كل هذا وذاك مع أول عائد مادي لأول برميل بترول يصلها ويدخل إلى حساباتها الشخصية وما نراه في قطر ونشهده نراه في اثيوبيا ومن النظام الأثيوبي الحاكم الذي يبحث عن النهضة والتنمية على حساب الحق المشروع لمصر في الحصول على حصتها المتعارف عليها منذ القدم في مياه النيل عصب الحياة لمائه مليون مصري.
أثيوبيا التي زودناها بالعلم والدين والإيمان .. بالمعلم والطبيب والمهندس والشيخ والقسيس والكتاب والقلم .. وتحاول الآن ضرب مصر والمساس بأمنها القومي العام للحفاظ على مصالحها دون النظر لمصالح دولتي المصب مصر والسودان اللذان لا يعترضان على حقها المشروع في التطوير والتنمية بشرط مراعاة حقوق الدولتين في استمرار الحياة واستمرار التنمية.
وكل ما أراه وأُشاهده إن دلّ على شئ فيدُل في الحقيقة على عمق الكراهية وحجم التنكر والتكبر للدور الكبير الذي قامت به مصر لانتشالهم من حياة التخلف والقبلية على كافة المستويات والأصعدة.
أقول هذا علّهم يستفيقون من الغيبوبة التي حاقت بهما ومازالت تحيق بهما وتؤكد على تخلف قطر وأثيوبيا رغم عائدات البترول وقرب الانتهاء من بناء سد النهضة الذي تعرف مصر كيف ومتى سوف تتعامل معه بأستاذية.. وسيبقى الاستاذ استاذاً رغم أنف الجميع، لأن منَّ علَّمت العالم قادرة على أن تعلَّم كل منَّ تسول له نفسه الإضرار بمصر أو بشعبها الدرس الأخير والأهم في كتاب التاريخ الإنساني.
إن غداً لناظره قريب وحفظ الله مصر وشعبها وقيادته الأمينة من أحلام الصغار… والله خير كفيل للتصدر للشر وأهله أينما كانوا …