شعر: نسرين حبيب
دَخَلْتُ مَقْهًى غَرْبِيًّا.. في زُقاقٍ تَبَعْثَرَت مَقاهيهِ.. يَوْمَ الأَحَد
جالِسَةً مَعَ قَصيدَتي.. مُمْعِنَةً في وِحدَتي
صدفَةً رَأَيْتُ حَلّالَ العُقَد
قابِعًا في زاوِيَةٍ.. عَلى طاوِلَةٍ صَغيرَةٍ.. يُمْسِكُ يَدَ سَيّدَةٍ راقِيَةٍ
يَقرَأُ خُطوطَ اليَد
وَما لَبِثَتْ أَنِ انتَفَضَتْ.. مِن تَعبيرِ وَجْهِها فَطِنْت.. أَنَّ الحبيبَ خَذَلَها
وَصارَ مَع غَيْرِ أَحَد
اسْتَنْكَرَت أُخْرى بِقُرْبِها.. تَنْتَظِرُ دَوْرَها.. كَي تَعْلَمَ الطّالِعَ.. وَتَفْهَمَ الغَيْبَ
مِن صَديقِنا حلّالِ العُقَد
أَمْسَكَ بِفِنجانِ قَهْوَتِها.. وَفيهِ وَضَعَت بَصْمَتَها
إِصْبَعُ الإبهامِ.. في كَعْبِ الفِنجانِ..
ثُلاثيُّ البُعُد
تَوَسَّعَتْ حَدْقَةُ العَيْنِ.. وَما ظَهَرَ مِنَ البَيْنِ
أَنَّهُ بِثَرْوَةٍ أَخْبَرَها.. في طَريقِها إِلَيْها.. فَقَفَزَتْ مِن فَوْرِها.. تُغْرِقُهُ قُبَلًا
كَسَيْلٍ تَفَجَّرَ مِن سَدّ
وَما لَبِثَتْ أَن وَقَفَتْ.. وَقَبْلَ أَن يَبْرُدَ المِقْعَد
جَلَسَتْ أُخْرى والدَّمْعُ.. يَجْري مِنَ المُقَلِ.. عَلى الخَدّ
طَمْأَنَها أَنَّ المَرَض.. أَمس أَصابَها بِعَرَض
شَخَّصَها وَمِن تَشْخيصِهِ افتَرَض.. أَلّا يُعاوِدَها المَرَض
وَأَنَّهُ اكْتَفى بِهذا الحَدّ
سُرْعانَ ما أَنساني القَصيدَةَ الَّتي أَقْرَأ.. بَيْنَ زَحْمَةِ هذه وَتِلك لَم يَكُنْ يَهْدَأ
يَبْرَعُ مِن حَيْثُ المَبْدَأ.. يَعْرِفُ كَيْفَ يُنهي وَمِن أَيْنَ يَبْدَأ
يَقومُ بِعَمَلِهِ مِن دونِ مَلَلٍ أَو كَدّ
رحْتُ أَرْقَبُهُ عَن غيَرِ بُعْد.. أَرقَبُ كَيْفَ يَتَغَيَّرُ مَلْمَحُهُ.. بَيْنَ مُزاحٍ وَجِدّ
أَشْهَدُ عَلى فِطْنَةٍ وَدَهاءٍ ولا بُدّ
مِنَ القَوْلِ إَنَّهُ بارِعٌ في خَلْطِ الوُحول.. لِعَشَراتِ النِّساءِ قَليلاتِ العُقول
بِالدَّوْرِ اصطَفَفْنَ للوُصول.. إلى طاوِلَتِهِ لِسَماعِ ما يَقول
لا يَرْدَعُهُنَّ رادِع.. ولا يثنيهِنَّ حدّ
وأَنا لَطالَما اعْتَقَدْتُ أَنَّ الشَّرْقِيّاتِ وَحْدَهُنَّ
يَقصدْنَ حَلّالَ العُقَد
وَبَعْدَ ساعَةٍ مَنَ العَجَب.. طَأْطَأْتُ الرَّأْسَ لِأَعودَ لِما وَجَب
فَسَمِعْتُ صَوْتًا يُحَيّيني.. يَسْتَأْذِنُ مِقْعَدًا عَلى طاوِلَتي.. عَن قِراءَتي يُلْهيني
يَسْأَلُني قِراءَةَ اليد
أَوِ العَبَثَ في بُنّ فِنجاني.. أَو فَتْحَ وَرَقِ الشَّدَّة
فَرحْتُ بَيْنَ لينٍ وَشَدّ.. أُقَهْقِهُ عالِيًا بَيْنَ جَزْرٍ وَمَدّ
فَظَنَّ النّادِلُ أَنّي أُناديهِ.. وَحَضَرَ بِسُرْعَةٍ لِيَرُدّ
فَوَجَدَ بِقُرْبي..
حَلّالَ العقَد