بقلم: فريد زمكحل
في السادس والعشرين من شهر يوليو (تموز) الجاري غادر عالمنا إلى عالم الأبدية والراحة الموسيقار والملحن المسرحي والكاتب اللبناني زياد رحباني، تاركاً من خلفه للأجيال الجديدة إرثه الإبداعي الكبير على أكثر من صعيد.
إرث سيبقى على الدوام يُمثِّل ويحتل جزءًا من الذاكرة الفنية والثقافية للبنان.
غادرنا زياد رحباني دون استئذان وكأنه رأى في الرحيل السريع الصامت آخر إبداعاته الفنية.
نعم غادرنا زياد الذي لم تكن بدايته الإبداعية مع الموسيقى بل مع الشعر والأدب من خلال كتابة أولى نصوصه الشعرية المعنونة «صديقي الله» التي أنجزها بين عامي 1967، 1968 وهو مازال في سن المراهقة، الأمر الذي لفت إنتباه الجميع إلى موهبته الأدبية المبكرة والذي قرر بعدها تكريس كل طاقاته الإبداعية وتخصيصها للتأليف المسرحي والموسيقى حيث قام بتقديم أول ألحانه الغنائية تحت عنوان «ضلك حبيبي يا لوزية» سنة 1971 ويُعد معبره الرئيسي ومدخله المشروع إلى عالم النجومية والشهرة بالتلحين لأمه السيدة فيروز وهو ابن الـ 17 عاماً وتحديداً سنة 1973، فقدم لها أغنية (سألوني الناس) من تأليف وكلمات الأستاذ منصور الرحباني والتي كانت عاكسة لغياب الموسيقار عاصي الرحباني زوج السيدة فيروز ووالد زياد، ولاقت نجاحاً كبيراً، ومع الوقت نجح في فرض نفسه وحفر إسمه ككاتب ومخرج ومؤلف موسيقى بالإضافة لكونه ممثلاً بارزاً.
وقد تناولت مواضيعه عرض ومناقشة قضايا جيله والأجيال الضائعة اللاحقة لجيله، وشكَّل مسرحه صوتاً نقدياً بارزاً ومتميزاً في الثقافة اللبنانية حيث أجمع الكل على أنه قد سلك مسلكاً فنياً أكثر نضجاً وتجديداً الذي لن ينسى في أكثر من مجال وعلى وجه الخصوص في عالم الموسيقى والمسرح العربي الحديث بعد أن ارتبط اسمه باسم والدته القديرة فيروز، الذي قدَّم لها وغنّت له مجموعة كبيرة من الألحان الغنائية التي ستعيش طويلاً في الذاكرة اللبنانية والعربية مثل أغاني «سألوني الناس»، «كيفك أنت»، «بعثتلك»، «عودك رنان»، «البوسطة»، «ضاق خلقي»، «إيه في آمل» ألخ..ألخ.. ألخ..
نعم غادرنا زياد وبقيت إبداعاته وستبقى للأجيال القادمة نموذجاً يُحتذى به ويتعلم منه الجميع ما معنى العطاء والإخلاص الحقيقي لصناعة الإبداع المنشود لكل أعماله سواء ككاتب أو موسيقى أو فنان.
نعم غادرنا زياد الرحباني وبقى الألم يمتزج بالفرح!
خالص تعازينا لأمه ولجميع أفراد أسرته الكريمة وللبنان الشقيق حكومة وشعباً وللجميع ..
رحل زياد ولكن إبداعاته ستعيش لإجيال وأجيال.