قصة بقلم: امل بشرى
تكلمة العدد الماضي
لم أفهم لماذا قالت أمي ذلك سألتها؛ لماذا قلت ما قلت
لا أعرف … أحس إحساسا لا أفهمه
كلمت أخي؛ قال لي
الرجل به ضعف؛ وأخواته لديهن مفهومهن الخاص عن الدين؛ وأنت بك قوة ووعي بالدين مختلف عن وعيهن؛ أخواته غريبات عن عالمك؛ مخيفات؛ لم تري بعد أخته الرابعة؛ أنا الرجل وأخافتني فكيف بك أنت
هل هي مخيفة لهاته الدرجة؟
شكلها؛ كلامها؛ لم أفهم لماذا تصرخ وهي تتكلم؛ ولماذا تتكلم بالهمز واللمز وملابسها غريبة؛ نظراتها قاسية ومخيفة
سألته؛ هل رأيت أمه؟
امرأة كبيرة بالسن؛ بها طيبة وحنان؛ أحسستها كأمي؛ لمست بها ضعفا؛ ورأيت بوجهها تعب السنين؛ قبلت رأسها؛ شممت بها رائحة المسك والعطر
هنا تدخلت أمي وقالت:
هي امرأة طيبة؛ رأيت نورا يشع من وجهها؛ كبيرة بالسن ومريضة جدا؛ أحببتها وحين نظرت لابنتها بجانبها حين أتيتا لزيارتنا؛ خفت أن أتقرب منها
أراحني كلام أمي وأخي عن أمه فقلت:
مادام بأمهن خير؛ لا بد أن يكون بهن خير
قال أخي:
لو كان بهن خير؛ لما وصل الرجل إليك؛ أنسيت أن قبلك ثلاث نساء وصفن بالساحرة والعاهرة والغادرة؛ ما بك أنت ليس بالنساء الثلاث قبلك؟ لست إلا امرأة وليس بحياة الرجل مكان ألا لسبع نساء.
فعلا بأمه خير؛ لكنها لا تعيش معهن منذ سنين بسبب حالتها الصحية؛ ابنتها الرابعة تهتم بها؛ والرجل يحيا برفقة سدف منذ سنين طويلة جدا؛ والمرأتين الأخريين كل مع ابنتها. لن يستطيع الرجل الافتراق عن سدف وهاته الأخيرة لن تدعه يبتعد عنها والدليل أنه أتى ثلاث نساء قبلك وتركهن وعاد لسدف.
أخافني كلام أخي فصمتت؛ سألني
إنهن ست نساء وأمه؛ هل لك قدرة على نساء عالمهن غريب عن عالمك؛ ثقافتهن جن وعفاريت وسحر وشعوذة؛ أسياد وأولياء؛ أتعرفين ما دمر الإسلام؟ لم ينتظر حتى أجيب وقال:
مسلم جاهل أكثر خطورة على الإسلام من كافر عالم؛ هل أنت متأكدة من قرارك؟
وما علاقة الإسلام بقراري؟
ستتزوجين نسل أل البيت؛ أليس هذا كلام أخته؛ توقعي أن تعيشي حياتك تحت رحمة تفسيرهن للإسلام على هواهن؛ فهن من أل البيت نسل كريم وتوقعي ان يقلن عنك أنك من نسل ذميم؛ فكل من خرج من نسل أل البيت مثله مثل النجس وإن كان مسلما؛ أنت لا تخاطبين عقولا؛ بل تتعاملين مع موروث من الجهل والتحريف لمفهوم كلام الله؛ أنا أقول لا طاقة لك بذلك؛ ماذا تقولين أنت؟
لم أجب فسأل:
أتحبينه؟
نعم
إن كنت من أهل الدنيا ستعيشين
انك تكرر نفس كلام امي
أنا مثلها أحس إحساسا لا أفهمه
وأنا مثل أمي وأخي كنت أحس إحساسا لا أفهمه؛ كل ما كنت أفهمه بتلك اللحظة أنني كنت أحب الرجل؛ توقف عقلي وتكلم قلبي؛ ظلمت نفسي.
قال أخي
عودنا أبونا وأمنا أن نأخذ قراراتنا بحرية واستقلالية؛ هو قرارك وحدك؛ أنا لا أوافق ولكن إن وافقت أنت لك على واجب الأهل بالتحضير والإعداد إلى أن نوصلك لبيته
تقصد لبيتي
لن يكون بيتك؛ هو بيت أخواته وستكونين عندهن ضيفة
سنسكن أنا وهو فقط بالبيت
تأكدي أنك لن تكوني إلا ضيفة ببيته ولا تنسي زارت حياته قبلك ثلاث نساء؛ لا أعتقد أنك مميزة على النساء اللواتي سبقنك ليكون بيته بيتك؛ كما كن ضيفات ببيته؛ ستكونين ضيفة وصمت. فهمت كلام أخي؛ لكن كان عقلي سجين قلبي؛ صمت العقل وتكلم القلب.
جلست مع نفسي وقلت لها؛ الرجل يحبني وأنا أحبه؛ أكيد أن الحب لم يجمع بينه وبين النساء الثلاث قبلي لهذا فشل الزواج؛ قررت أن أقبل الزواج به؛ ظلمت نفسي.
كنت واعية بخطورة قراري؛ كنت أعلم أن حياتي؛ عمري؛ مستقبلي كل ذلك رهين بقراري؛ لست غبية أو ساذجة؛ لست ضعيفة؛ أنا امرأة قوية وذكية؛ لكنني أحببته وصوت الحب عادة ما يسكت صوت العقل؛ فتكلم القلب وقررت أن أقضي معه ما بقي من العمر. ظلمت نفسي
حضرت نفسي للحياة معه؛ كنت أعلم أن علاقتي بالست نساء ستكون صعبة جدا؛ لم أعرف كيف ستكون علاقتي بأمه؛ كنت أعلم أنني لن أعرف التعامل مع ثقافة أخواته؛ لكنني كنت أظن أنني سأسكن ببيت مستقل؛ فهو لديه بيت ووعدني أن نحيا به حياة جميلة؛ قلت ببالي ستأتي أخواته للزيارة بين الفينة والأخرى؛ سأتحملهن؛ سأصبر؛ ظلمت نفسي.
رميت بنفسي بقبر؛ لا أسمع به إلا عواء وعويل سدف التي لا تتوقف عن الأنين والبكاء والرؤى التي لا تنتهي؛ كلما رأتني تبكي؛ تكلمني كلاما لا أفهمه؛ تتكلم كثيرا عن الأسياد والمشايخ؛ لا تنام وحين تنام ترى بمنامها أشياء وأشياء وتستيقظ ثم تشعل البخور وتوفي النذور وتفسر القران وتتكلم بصوت الشيطان وهي تتوهم أنه صوت الإله الرحمان.
وجدت نفسي بقبر لا حديث لليل وإبتها ميرا إلا على الجن والعفاريت؛ وسحر مأكول أو مشروب؛ المرأتين تهابان دخول الحمام بعد الغروب وتقولان انهما تسمعان أصوات الجن يكلمهن وبالليل تقول ليل أنها ترتدي هي وميرا لباسا طويلا فالجن إن رأى قطعة من جسم إحداهما اشتهاها واغتصبها؛ ليل وميرا تسمعان خطوات الجن وهو يتجول بالبيت حين يجن الظلام. وحينما تغرب الشمس تعوي ميرا وتولول وتقول ليل أن جنا عشق ابنتها وسكن بها؛ ليل تتكلم كثيرا مع الشيوخ والرقاة بالهاتف ومرة سمعتها تتكلم مع شيخ قالت له
إنها شربت الماء يا شيخ؛ كانت عائنة أعطتني كأس شاي؛ وأصرت أن أشربه كله؛ حينما شربته؛ ابتسمت عائنة وفرحت ليل وحملت الهاتف وذهبت لغرفة لتتكلم بحيث لا يسمعها أحد؛ الغرفة كانت بجانب الحمام؛ قبل أن أدخل الحمام سمعتها.
ليل تفعل كل ما يقوله لها الرقاة والشيوخ؛ وبأخر المطاف ترتمي بحضن سدف وتطلب منها أن ترقيها هي وابنتها
أما عائنة ونائلة ترتديان لباسا قصيرا وتضعان ألوانا كثيرة بوجهيهما وأيضا تخافان دخول الحمام بعد الغروب وتخافان أيضا من أن يشتهيهما الجن ويغتصبهما ومع ذلك لا ترتديان لباسا طويلا بالليل؛ تطلقان البخور وتشعلان الشموع للأسياد وأيضا عائنة تكلم الشيوخ والرقاة وبأخر المطاف ترتمي هي ونائلة بحضن سدف وتطلبان منها البركة.
وكلهن محسودات؛ مسحورات معيونات؛ يعشقهن الجن؛ عويل وبكاء متواصل لا يتوقف؛ يعشن بعالم من نسج خيالهن؛ فكل الناس خارج أل البيت لهن حاسد وساحر؛ لا حديث لهن إلا عن الجن والعفاريت والسحر؛ يخفن من الليل ويقلن إن مملكة الجن تفتح أبوابها باليل؛ وتتوقف حياة الأنس عندهن؛ ليل وسدف تقضيان ليلهما بالصلاة والدعاء على من يريد بهن شرا؛ وعائنة ونائلة وميرا يقلن إن بركة سدف وأل البيت تحفظهن
حياتهن غريبة؛ بها صلاة وصيام وقيام وقرأن وعويل وبكاء وخوف ورعب وجن وسحر وبخور وشموع وتعاويذ وكلام مع وعلى الأسياد لا يتوقف؛ غريبة حياتهن على حياتي..
كنت أعرف أن عالمهن غريب عن عالمي؛ ومع ذلك قررت أن أتزوج حبيبهن؛ نسيت أنه هو أيضا من أل البيت؛ وأنني أنا لست من أل البيت؛ لم يشفع لي عندهن أنني أصلي و أصوم وأنني من المسلمين.
يتبع…