بقلم: كلودين كرمة
نتقابل مع الكثير والكثير من الوجوه الحقيقية والمزيفة وهناك من لا يجيد التزييف فيضع القناع فيصعب علينا التمييز ويتعثر علينا الفهم.
والأعجب من هذا ان هنالك اناس لا يجيدون التمثيل وآخرون لا يعترفون به ولا يلجئون اليه فينظر لهم من حولهم نظرة ثانوية
وكأنهم يلعبون دور” الكومبارس “ ويمكن استبدالهم فى اى وقت ومن دون ان تهتز الصورة او يتم تغيير اى مشهد فى الرواية.
ولكن هل يعقل ان يكون للشخص الواحد اكثر من وجه وأكثر من ضمير والعديد والعديد من الحجج والمنطق الذى يختلف تطبيقه حسب الحاجة ؟؟؟
فالإنسان اصبح يتكيف مع الظروف وأصبح اكثر براعة فى تغيير لونه من المخلوقات الاخرى و لنفس الاسباب الخداع او الهجوم او التنكر .
ولكن هل يمكن ان تستقيم الامور هكذا؟! هل يمكن لاصحاب الوجوه الخادعة ان يتمتعوا بشخصية متوازنة وأفكار مرتبة؟!
هل يمكنهم ان يتمتعوا بالتوازن النفسى والاستقرار العاطفى؟! .. لعلهم يتوهمون ذلك.. ولكن فى الحقيقة هم يتحولون الى مرضى ويعانون من الارتباك المستمر و صراع الافكار وانعدام الثقة والأرق ويدفعون بالتالى من حولهم الى التصرف بأسلوب مختلف يتوافق و تطلعاتهم وحسب توجيهاتهم وهم مقتنعين تماما ان هذا الاسلوب هو الاصلح بل و الامثل ايضا .
اما البسطاء ذوى النية السليمة والنفوس المتواضعة يتعرضون لأزمات نفسية و يعانون من جرح الاحباء و الاصدقاء قبل الاغراب….وحين يضيق صدرهم يبدؤون بالتالى تصنع المشاعر وتزييف الانفعالات ..كم من ابتسامات تخفى ورائها الكثير من الهموم…وكم من دموع تدمع بها العيون ولكن القلب لا يحمل اى من الاحزان . . وتصبح الحياة سطحية دون عمق و ملامح ممسوخة دون تعبير صادق فتتلاشى العاطفة وتختفى الرحمة وينعدم الحب ولا يبقى منه سوى صورته الباهتة..
وكل العجب اننا نرى ان من يدعون الفهم ينخدعون بخداع هؤلاء اليائسين اللذين اضطرتهم الضرورة الى اللجوء لهذا السلوك والأعجب انهم فى نظرهم اصبحوا مخلصين وصادقين وتظل دوائر النفاق تزيد وتتداخل وتتشابك مع بعضها البعض حتى يصعب التخلص منها فنعيش فى متاهة لا نجد للخروج منها سبيلا.
وتسير الامور على هذا النحو وكأننا نورث الاجيال الآتية طبائع مختلفة ،ومن جيل الى جيل نجد انها اصبحت متأصلة فى كيان الانسان وتفكيره فيتغير اسلوب التعامل بين البشر ويتبعه التغير فى السلوك وتقدير الامور وتقييمها وكأننا نخلق هوية جديدة ولكن للأسف اقل جودة ..يا ليتنا تركنا الانسان على سجيته بتفكيره البسيط بدلا من تغيير طبيعته الى انسان كاذب متلاعب بالألفاظ مستغل للظروف مدعيا ان هذا هو الذكاء والدهاء اللازم لتدبير اموره وحماية نفسه وممتلكاته..ان هذه الحكمة هى خادعة وليست مستقيمة لأنها تتميز بالخداع وتسبب الاضرار المادية والمعنوية.. اما الحكمة الحقيقية التى لا تلجأ الى هذه الاساليب المتدنية فهى هبه من صاحب الحكمة ومن صفاتها المحبة والصدق والأمانة والتدبير الحسن فمن تنقصه الحكمة فليطلبها من بارئها له المجد “ فهو يعطى بسخاء ولا يعير”.