بقلم: درويش صباغ
أتجاوز حدود الخيال عندما اعود إلي محاولة الحوار وقراءة ما يمكن استيعابه من وقائع وأحداث تطفو على واقع يبدو وكأنه مرسوم وقبل حدوثه، بعناية فائقة وبدقة وبحرفية تبدو الأمور معها وكأنها تحصيل حاصل أو توارد خواطر عبثية النتائج أمام ما يمر بنما من تراكمات وبدايات لأمور معقدة سوف تستجد على ساحة ايامنا والتي هي بواقع الحال تزخر بمعطيات أخرى وبنتائج جديدة تستجد دائماً وتتوسع دائماً دائرة الماء بعد أن رمينا ذلك الحجر في بركة ماء، وبعد أن أستطعنا أن نمسك وأن نتعرف على تلك القشة التي سوف تقصم ظهر البعير من المحيط إلي الخليج وعلى أمتداد الوطن العربي ، وكل تلك الملايين من المواطنين الذين تحولوا بقدرة قادر إلي مجموعة متفرجين في ملعب أسباني لصراع الثيران حين سوف ينتصر في نهاية الشوط ذلك البطل الذي يحمل الراية الحمراء أمام ذلك الثور الهائج . المواطن العربي لم يعد أكثر من متفرج وشاهد دفعت له قيمة تذكرة حضور مباراة الأستسلام والأعتراف بالأمر الواقع وفضائيات التخدير واستسهال ما حدث وما سوف يحدث تطارده وتحاصره في كل زمان وفي كل مكان . شُلّت خلايا التفكير لديه وأصيب بنوع غريب من الأسترخاء والحياء لما وصلت إليه أموره ، فالقات اليمني يوزع على المواطن العربي بكميات مناسبة ومدروسة عبر سلسلة متخصصة بالتدمير المرحلي للعقل العربي الذي أصيب بعمي التفكير وتساوت لديه كل الأمور وكل الصراعات وبات حلمه الأكيد الستمرار في هذه الحياة ولو ليوم جديد آخر ! يقولون في الأمثال « الضرب في الميت حرام « ، ويقولون أيضاً « أحذر عدوك مرة ، وأحذر صديقك ألف مرة « ، وفي القرآن الكريم والآية 96 من سورة التوبة « الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم « . والحرب على اليمن الآن أصبحت واضحة فهي غزوة قبائلية عشائرية جاهلية استبدلت فيها الخيل والسيف بطائرات وقاذفات وأسلحة تدك كل معلم الإنسانية في بلد كانت تحكمه في يوم من الأيام الملكة بلقيس وكان سد مأرب أول سدود العالم في ذلك الحين . بلقيس الملكة كانت جوهرة تعرف كيف تقود مملكتها . الضربات الجوية المدمرة لعاصفة الحزم في اليمن مسحت بلقيس وتاريخ بلقيس وأعادت ذلك اليمن غلي العصر الحجري . الطائرات المدمرة تحمل مع كل قذائفها نوعاً غريباً من الحقد المتوارث ومن الظلم وقع على شعب لم يستمع بعد بأي من مقومات الحياة الطبيعية والبسيطة لأي من مواطنيه ، هو قبل هذه الحملة الضارية كان يعيش مأساته الإنسانية بكل فقرها وعوزها وصعوبة الحياة التي يحياها ، وقد أكملت هذه العاصفة الحزم تدمير ما بقي في ذلك اليمن . عاصفة الحزم وقد هبت على اليمن السعيد ، هي صورة أخرى للحرب على سوريا والحرب على العراق ، وهم يريدون إسقاط وإلغاء دول وأمم ضاربة جذورها في أعماق التاريخ لكي يفسحوا المجال أمام قطاع الطرق وأمام هولاكو الجديد ليدخلوا سجل التاريخ أبتداء من الآن بعد أن تمحى آثار القرون وبعد أن تندثر هوية يحملها مواطنون منذ آلاف السنين . التاريخ يؤرق عيونهم فينطلقون إلي الحرب وإلي التدمير المبرمج والألغاء والتهجير القسري كما فعلت إسرائيل يوم قامت على اطلال وقد افرغت من سكانها ومعالم محيق من خارطة العالم . عاصفة الحزم وداعش والنصرة وجوه لعملة وجهها الآخر إسرائيل وهم يسيرون بكل دعواهم على تلك الخطى التي سارت عليها تلك الدولة قبل سبع وستين عاماً ! عاصفة الحزم هي حرب البسوس وأبو زيد الهلالي الجاهلية التي انطلقت لأربعين سنة لأسباب تافهة بمفهومنا الأتي ، وهي الحرب التي لن تأتي بسلام ولن تكون بداية مرحلة جديدة واستقرار على مستوى الشرق الأوسط الذي تتغير خرائطه في كل يوم وتنهار اعمدة وجوده على أيدي زبانية هولاكو وقد عاد إلينا بأسماء جديدة تناسب العصر وترتدي ثيابه ولباسه وتبرر أفعاله تحت اي من المسميات المتداولة على طاولة القهر والظلم والجاهلية . ربما كان اليمن ضحية وكذلك سوريا والعراق ، وربما كان الظلم والقهر موزع بنسب بين هذه البلدان وغيرها ، إلا أن الأمور كما تبدو ما هي إلا محاولة لسد عين الشمس بقطعة قماش بالية . الأعراب اشد كفرا ونفاقاً ، وما تمارسه دول عربية ضد دول عربية أخرى هو ما جاء به القرآن الكريم ، هو ذلك الكفر والنفاق والألغاء والأعتداء القاتل وتدمير الذات الإنسانية وتفتيت جذور البشرية وأعادة كل شئ إلي نقطة الصفر وإلي نقطة البداية الأولى تحت مسميات جديدة للغة جديدة في قواميس الجهل والتخلف رغم كل عناصر البناء والأستعداد لكل مستقبل واعد لهذه الشعوب المدمّرة والتي من الممكن أن نستفيد منها ، ولكن يبدو أن الظلام أقوى من النور وأن الشر أكبر من الخير وأن علينا أن نعود إلي الوراء وقد فقدنا بوصلة القيادة إلي الأمام !






























