بقلم: سليم خليل
منذ احتلال سوريا في العشرينات من القرن الماضي من المستعمرين الفرنسيين حاولت فرنسا تقسيم سوريا إلى دويلات : دولة درزية في الجنوب ودولة العلويين في الغرب ودولة سوريا تشمل دمشق وما تبقى من مدن ومقاطعات، وثبتوا هذه الخريطة والحدود الجديدة في كتب الجغرافيا والمنهاج الدراسية.
علًمونا الحدود بطريقة الغناء ونحن أطفال وحفظت الكلمات باللغة الفرنسية وكنت أغنيها ليلا نهارا دون معرفة معناها وعلى أعلى خانة في صوتي؛ وما أزال أتذكر والدتي تتململ من سماع صوتي ونفس الأغنية وتأمرني بوقف الأسطوانة .
بعد تجربة هذا التقسيم عُقِد مؤتمر إقتصادي في فرنسا حول سوريا وتقرر إعادة وحدة الأراضي السورية لأنهم وجدوا أنه من الأفضل أن تكون المساحة دولة واحدة تتكامل إقتصاديا وإداريا وإجتماعيا وهذا ما ينعش البلاد ماليا وزراعيا وصناعيا .
وهكذا بقيت سوريا موحدة ؛ لكن بذور التفرقة والحقد بين الأجناس والأديان بقيت راسخة منذ عهد بني عثمان وما زال السكان بكافة مذاهبهم منذ ذلك العهد يتذكرون المجازر بين الدروز والمسيحيين والمسلمين والعلويين في سوريا ولبنان.
في مطلع أيام الإستقلال عام ١٩٤٥ تم انتخاب مجلس نيابي وحكومة شرعية وحدثت حركة انفصالية في جبل العلويين وأخمدتها الدولة في مهدها وحكمت بالإعدام على الزعيم العلوي سليمان المرشد ؛ واستقرت منطقة جبل العلويين كجزء من سوريا لغاية حروب الربيع العربي الممول من دول عربية وأجنبية أدت إلى انهيار الجيش الوطني السوري وسيطرة جيش من المرتزقة المتعدد الجنسيات .
عام ١٩٥٣ ثارت طائفة الدروز وأخمدت الدولة تلك الثورة وبقيت منطقة جبل الدروز ضمن جغرافية سوريا لغاية شهر أغسطس/ آب الماضي عندما اندلع قتال بين الدروز وعشائر مجاورة وتدخلت قوات المرتزقة الحكومية بقصف المنطقة مما دفع القوات الإسرائيلية للتدخل معلنة حماية الدروز الذين باشروا بتنظيم قوات عسكرية استعدادا لإعلان إستقلالهم عن سوريا.
أما الأكراد في الشمال الشرقي من سوريا فإنهم يتمتعون منذ اندلاع حرب الربيع العربي عام ٢٠١٣ بحماية القوات الأجنبية وبنوع من الحكم الذاتي وهذا ما يبشر بقرب إعلان الإستقلال .
مئة عام بالتمام والكمال مرت على خريطة سورية التي رسمها المنتصرون في مؤتمر – سايكس بيكو- بعد الحرب العالمية الأولى ١٩١٤-١٩١٨ وحاليا بغياب الجيش الوطني ووجود جيوش غريبة على الأرض ؛ على كافة فئات الشعب العاجزة عن الاعتراض أن تتقبل وبالأسف الشديد ميلاد دويلات ترسم حدودها القوى الخارجية .