بقلم: سونيا الحداد
يوم سقطت الشيوعية، وليس الهدف الدفاع عنها في هذه المقالة أبدا، تمّ وضع حجر الأساس لبناء نظام عالمي جديد لا يشبه أي نظام منذ اعلان حقوق الانسان. عرفت يومها اننا سنخسر تدريجيا أغلب الحقوق التي تمّ الحصول عليها بعرق الجبين والمعاناه والتضحيات، وأن العالم سائر على طريق الاستبداد الاجتماعي أولا والدولي ثانيا، لكن الوسيلة لم تكن واضحة كليا لي. حقوق اتّسم بها العالم الحر الديمقراطي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية التي كان أثرها مدمرا دمارا شاملا، وباتت من الأسس المؤسسة له والممثلة لثقافته الفكرية والإجتماعية. حقوق تغنّى بها المجتمع لسنين وقد سمحت له بالتعبير والدفاع عنها عبر جميع الوسائل. سمحت له في دراستها، فلسفتها، تنميتها وتدريسها في المناهج المدرسية التربوية والعمل على مراقبة تنفيذها كليا. حقوق ساهمت في رفع العنصرية، تضميد الجراح والمساواة المبنية على كرامة الإنسان. حقوق اتساءل أحيانا عن كيفية اكتسابها.. هل قدّمت لنا خوفا من انتشار الشيوعية أم قناعة بصحتها؟
أين نحن من هذه المبادئ اليوم؟
التعصب والاستبداد في كل مكان أدى الى انتخاب طغاة يحكمون البلدان الديمقراطية لأنهم يلبّون المطالب في تمرير الأجندات. التعصب العرقي والديني ينمو في كل مكان. رجال الدين عادوا الى الواجهة ظل الله على الأرض والمتحدثون باسمه. عاد العالم الي اضطهاد المثليين وتجريد النساء يوما بعد يوم، من حقوقهن التي دفعن الأثمان الباهظة من أجلها. حقوق تسلب باسم الاديان. كوابيس الجنة والنار عادت الى الواجهة بأجمل حلتها. لا يحق لنا فلسفة الله، القبول به ام لا. نتهم ببث الكراهية والتعصب وعدم احترام الاخر!!! لا يمكننا الدفاع عن المثليين والا نتهم بأننا مثليين. لا يحق لنا الدفاع عن مكتسبات المرأة وتحررها من قوانين المجتمع والدين والرجولية، والا نتهم بالعاهرات.
كل شيء بات يحسب بالدولار. كل شيء بات تجارة واقتصاد يرسم معالمها مسوخ العالم الكبار! مسوخ باتوا يديرون المنظمات الدولية والدول بحد ذاتها. مسوخ يستغلون أي علم، أي اكتشاف ليجعلوا منه سلاحا ينشر الموت على طريقه، ينشر الخوف والخوف هو أقوى سلاح يمكنك من غسل الأدمغة الحساسة وكم هي عديدة. عقول أعماها الجشع الى القوة والسيطرة، ضربها جنون العظمة تخطط عمدا على نشر الأمراض السارية وقتل الملايين لإجبارك الإعتراف بها، تمهيدا لفرض أسس وقوانين العالم الجديد، عالم الجبناء مصاصي الدماء!
سلام على الحرية والكرامة والحقوق وبراءة الأطفال. سلام على القيم الانسانية والفلسفة والفكر واللآئحة طويلة، سلام على الرجال العظام يسجنون والعملاء فيطلقون أحرار. بعد الكورونا، عار نبدأ به القرن، قولوا على الحريات السلام. سيشرعون قوانين وأنظمة اجتماعية تجعل من الناس عبيدا روبوتات تحت المراقبة التامة في كل مكان وأي وقت كان. لن نُجبر في البداية ولكن من يرفض سيجعلوا من حياته سجنا مؤبدا. سيحجمون صوتك بالإرهاب الفكري، المادي والمعنوي. دخلنا عالم الفضائيات كليا ولن نتمكن من العودة الى الوراء ابدا. الحياة لن تكون كالسابق بعد اليوم. الدفاع عن حرياتنا لن يكون بالامر السهل ابدا. السلاح تطور جدا، والسيطرة على اجسادنا وفكرنا شبه كاملة تقريبا. دول تدّعي العداوة هي على اتم اتفاق على تقسيم هذا العالم وثرواته ومن سيقف في طريقها، لا هم كم انت بريء وعلى حق، سيختفي وبسرعة. المستقبل القريب لن يكون سهلا على الأجيال القادمة، سيشهد حروبا جديدة من نوعها والملايين من الضحايا. لا يهم، نحن بتنا مجرد أرقام لآ أكثر. لا يهم إن كنت على حق أم لآ المسوخ سيكون لهم الكلمة الأخيرة، قبل أن يشهد العالم المعذّب ثورة فكرية وروحية تخرجه مما يُحضّر له الآن.
لا أريد منك أن تيأس أيها القارئ مما أكتبه هنا. واجب علي أن أكتب الحقيقة التي نعيشها جميعنا اليوم، لعلك تتهيأ فكرا وروحا وجسدا من أجل النظام العالمي الجديد ولعلني الهمك العودة الى الأهم في هدف المساهمة في وعي ذاتي وكوني كلي، يساعد البشرية على مواجهة المرحلة القادمة والتي لا أدري كيف ومتى ستنتهي. أعرف شيئا مؤكدا الا وهو أن الإبتعاد عن التبعية والعودة الى أحضان الطبيعة، أحترام هذه الأرض، احترام الانسان كإنسان فقط، الحفاظ على العديد من القيم النبيلة التي علينا حمايتها والدفاع عنها… كل هذا سيكون المساعد الوحيد لجعل الحياة ممكنة.
لا لم أفقد الأمل، لأن الإنسان الطبيعي وليس المريض نفسيا، يحب الحرية والحياة… لأن الألم سيجلب السلام، لأن الروح تملك القدرة على تمييز الصح من الخطأ إذا أعطي لها الفرصة!… ونحن علينا بقطف هذه الفرص وجعلها ناموسا عالميا نواجه به نواميس المسوخ لعلنا ننقذ الحرية وتتألق معها الحياة!