بقلم: سونيا الحداد
العالم مريض مريض جدا، وهذا القرن هو شاهد على مرضه، على نزاعه الاخير ومن يدري كيف ستكون نهايته. عالم ضربه مرض الله حتى الجنون وهذا الجنون عمره لم يقدم حلولا بل كان السبب في التفرقة والإرهاب الذي أدّى الى نهاية كل حضارة مسّها هذا الجنون. مرض لم يجدوا له لغاية اليوم أي مضاد ولا أي علاج. مهما توصلت اليه الدول من تطوّر علمي وفكري، ومهما حاولت هذه الدول أن تتحرر منه ومن أثره في الحياة المدنية ودساتيرها، يعود الى الواجهة ساعة الحاجة ليضرب ويدمّر كل ما توصلت اليه المدنية من حريات وحقوق دفعت الغالي من أجل الحصول عليها، ليعيدها الى الوراء، يلجمها ويرميها في بؤر الجهل والنفاق الديني الذي فاق أي نفاق آخر باستعماله الله سلاحا له لتبرير ما لا يبرّر، والتاريخ هو الشاهد الأول والأخير لهذه المأساة.
كثرت الديانات وكل يتبجح بإلهه أنه الأفضل، أنه الحق، أنه البداية والنهاية وجميعهم لا يعرفون شيء عن البداية ولا يعرفون أي شيء عن النهاية. لا بل المأساة تكمن في انه مهما كان درب النهاية مرعب وشنيع، فهو مشيئة الله في هذه الديانات، فيرغبون بها ويسعون اليها لتحقيق مشيئته!
يا ساده كيف يمكن لهذه الديانات أن توحّد وهي تعتبر أن التابعين لها هم أفضل من غيرهم ولهم كل الحقوق دون غيرهم، وان جنّات السماوات هذه، التي يتحدثون عنها وكأنهم زاروها من قبل في رحلة استجمامية، هي لهم؟ . كيف يمكن إرساء العدل بين الشعوب من خلال ديانة أو أكثر لا عدل فيهما ولا إنصاف، لا بل يحرضا على تحقير الآخر والحكم عليه بالموت أحيانا كثيرة، فقط لأنه لا يتماشى معهما؟ هذا إذا لم تحقّره وتمنّنه بانها تبقيه حيا، درجات أدنى، تحت رايتها وقوانينها التي لا يحتملها عقل ولد في هذا القرن عرف طعم المساواة والحرية المدنية العلمانية.
أليس عار علينا في هذا الزمن أن نقبل ونتحدث عن بعض هذه الأديان وكأن الأرض وما عليها ملك لها وهي التي قامت علي الغزو والحرق والذبح واحتلال الممالك والحضارات والشعوب والتاريخ يشهد على كل ما حوته هذه الحروب من فظائع تتكرّر في يومنا هذا وبإسم الدين أيضا؟. كل طاغية يأتي ويرسم حدود البلدان حسب ساديته حاملا كتابه المقدّس لتبرير ما هو غير مقدّس. باسم الهه يبطش وينكل بحياة الملايين ومصائرهم. ماذا عن حقوق غير المؤمنين الذين قدموا الكثير عبر التاريخ لكي ننعم بالحرية المدنية. المساواة تحت راية القوانين المدنية العادلة والتي يصفها أرباب الديانات بالعاهرة؟ قوانين تحمي المثليين والمفكرين والفلاسفة والمتحررين من ساطور الإله وملائكته وشياطينه وكل اللفيف الذي يأتي معه.
متى سنتحرر من هذه اللعنة التي حلت بالعالم مجددا؟ الا ترون ما حل من خراب ودمار وابادات جماعية باسم هذه الديانات؟ ألا ترون أنها حجة يستعملها الطغاة لتوحيدكم في بؤرة الشر والكراهية والتعصب على أنواعه يستعملونكم وقودا لمآربهم الاقتصادية والمالية الخاصة بهم؟ الا تفكرون بأنكم احجارا على رقعة شطرنج على طريق بناء العالم الجديد الذي سيتمكّن منكم يوما بعد يوم تمهيدا الى جعلكم روبوتات تأتمر بأرباب هذا العالم الجديد الذي لا مكان لدياناتكم ولا إلهكم بها؟
الا ترون أن لا السلاح النووي ولا اي سلاح او تحصين يمكن أن ينقذكم من فيروس غير مرئي؟ ألا تدركون أن هذه الديانات لا يجب أن تتخطى أجسادكم وفكركم وروحكم الذاتية فقط وأن العالم لغيركم أيضا وليس ملكا لكم؟ وأخيرا وليس آخرا، الا تدرون أن العالم لا يريدكم ولا يريد الموت في سبيل آلهتكم، وأنه لا يحق لكم تدمير العالم من أجل إتمام مشيئة إله هذه الديانات التي هرب منها الإله؟
إذا تواجد اله لهذا الكون فهو لن يسامحكم أبدا لانكم تدرون جيدا ماتفعلون…. واللعنة ستحل على رؤوسكم هنا وفي سماواته!