بقلم: كلودين كرمة
نعم لقد آن أوان ازاحة الاتربة عن مقتنياتك القديمة….
واحتفظ بالثمين والغالى ….والقى عنك الزهيد والبالى.
فى خضم هذه الايام الذى يختلط فيها العاطل والباطل مع العامل والصالح وذو الاخلاق والمبادئ مع من حرم منها لسبب او لأخر…ويمزج المر مع الحلو والحب مع المصالح والتقدير مع الكره والمدح مع الذم والصداقة مع الجحود..وكل شئ و عكسه وكل جميل مع قبيح…ففى هذه الأثناء يجب ان نتوقف للحظات حتى ننتقى احبابنا ونعيد ترتيب اولوياتنا…ونبعد عما يشوش افكارنا ويجعلنا ننساق فى طرق لا نهوى المضى قدما فيها.
فعندما تدور بنا الايام و ونتعب ونكل وربما نفقد الامل من تحقيق ما كنا نبغى الوصول اليه وخططنا له فى ايام سابقة كنا ننعم فيها براحة البال وصفاء الذهن وثبات الرأى وصلابة الشخصية وقوة الارادة التى خيل لنا انها ستحطم كل عائق وتعلوا بنا فوق المستحيل…ولكن هذا تخطيط على الاوراق ورسم جميل لمستقبل زاهى فى اعيننا..ولكن عند الاصطدام باول امواج الواقع ندرك حينها صعوبة ما نحن قادمون عليه…كنا نبغى الامثل والأصلح فى التعاملات و الفرص ونثق فى القوانين التى تساند الطموح وتحميه من غدر الغادرين .. ولكن!!!
هناك اعتبارات اخرى وتقييم مختلف للأهم والأصلح
ومعايير مغايرة غير التى نشأنا عليها.. بل وهناك ايضا خلفيات وحيثيات اخرى لنفس القوانين اللامعة البراقة… وهى الوجه الاخر للدنيا الذى توارى عنا لسنين عديدة وأصابنا جهلنا به بالكثير من الاحباطات التى غيرت وبدلت احلامنا وطموحاتنا ..ومن يدعى الثبات والقوة يأخذ فى المقاومة ولكن مثله مثل من يسبح ضد التيار فإن نجا من موجة صدمته الأخرى حتى ينهكه التعب وتخور قوته ويكون محظوظا اذا نجا بنفسه.
وعندئذ يجب ان نتوقف ونلتقط انفاسنا ونستجمع قوانا ونستفيد مما مررنا به وما حل بنا ونبحث ونفتش عما خلفناه ورائنا من احلام ونجاحات وأحباء وأهل وأصدقاء..و كل مسببات الفرح والسلام والوجه المستبشر والفرحة الصادقة التى تملأ الدنيا بالسعادة من حولنا وتشعرنا بالطمأنينة والتفاؤل وتبعث فينا الأمل من جديد..حتى نستكمل مشوار حياتنا..فالتوقف هنا ليس الغرض منه الاستسلام والخنوع أ و الانصراف عن تحقيق النجاح والإقلاع عن مواجهة التحديات والإصرار على النجاح…لكن الغرض منه هو ازاحة الاتربة عن مقتنياتنا الثمينة التى ستساعدنا بالتأكيد على مواصلة المسيرة نحو مستقبل افضل.
فليس هناك اى ضرر من التوقف عندما نشعر اننا نكاد ان نفقد الطريق والدليل..ولذلك فان اختيار التوقيت هو بالغ الاهمية ففى اى مرحلة وفى اى زمن يجب علينا ان نأخذ حذرنا حتى لا تلحقنا الخسارة وممن نأخذ النصيحة وبمن نسترشد وفى من نثق… وعلى من نعتمد.. وما هى مقومات المرحلة الجديدة وماذا نمتلك بالفعل وماذا نخشى ان نفقده وما علينا ان نتخلى عنه مهما كان بريقه.
خاصة وكلمة “إنسان” يعنى كائن عاقل يبصر ويميز بالعقل والقلب معا..فلا ينساق وراء العاطفة ولا يكون مجرد من الاحساس..فالموازنة مهمة حتى يكمل بعضهما بعضا..فتكون حياة الانسان متوازنة ، يكون حكيما ورؤفا..يعطى بسخاء مالا وحبا و رعاية عن قلب واعى وحكيم.
فمن منا لم تأخذه الحياة فى طريق لم يقصده او جرفته الى سلوك غير راض عنه ..والعاقل هو من يدرك انه يجب ان يعدل المسار ويختار الطريق الصحيح الذى يقوده الى رحب الحياة ، فمن حقه بعد تعب الايام ان يجد الراحة ويتمسك بالسعادة مستفيدا من خبراته السابقة و يوظف ما لديه من امكانيات وعلم و ثروة فى الاتجاه المنشود..
فلكل مرحلة من العمر جمالها مهما كثرت التحديات
فلنعش مدام الوقت يدعى اليوم ، فالأمس ولى، والغد لم يأتى بعد ، لذا علينا الاهتمام بيومنا حتى يزيدنا حكمة وقوة نبنى بها الغد على اساس صلب فلا يتعرض مستقبلنا للانهيار ..فأصعب شعور هو الندم على ما ضاع من ايدينا سدى فكلمة “ ياليت” لن تفيد بشئ..