بقلم: د. حسين عبد البصير
المتحف القبطي
يقع المتحف في مصر القديمة داخل حدود حصن بابليون، والذي توجد بقاياه خلف مبنى المتحف. ولعب جاستون ماسبيرو دورًا مهمًا في نشأة المتحف؛ إذ عمل على جمع أعمال الفن القبطي وتخصيص قاعة لها في المتحف المصري. وبعد ذلك طالب مرقس باشا سميكة عام 1893 ميلادية بضم مجموعة الآثار القبطية إلى اهتمامات لجنة حفظ الآثار والفنون.وجاهد طويلاً حتى تمكن من إقامة المبنى الحالي للمتحف الذي اُفتتح عام 1910 ميلادية. وعين أول مدير له. تم بناء المتحف القبطي ليسد ثغرة في التاريخ والفن المصري. ولقد شيد المتحف على أرض «وقف» تابعة للكنيسة القبطية التي قدمها عن طيب خاطر تحت تصرف مؤسسه قداسة البابا كيرلس الخامس.ويعد المتحف أكبر متحف في العالم لآثار مصر من المرحلة القبطية. وبالمتحف مجموعة كبيرة من التحف ذات شأن كبير من الأهمية للفن القبطي في العالم.ويضم الأقسام الآتية: قسم الأحجار والرسوم الجصية، وقسم تطور الكتابة القبطية والمخطوطات، وقسم الأقمشة والمنسوجات، وقسم العاج والأيقونات، وقسم الأخشاب، وقسم المعادن، وقسم الفخار والزجاج. ويبلغ عدد المقتنيات بالمتحف القبطي حوالي 16000 قطعة. ويضم الجناح القديم للمتحف مجموعة من قطع الأثاث الخشبية والأبواب المطعمة. وجدير بالملاحظة أنه يضم الباب المصنوع من خشب الجميز الخاص بحامل أيقونات كنيسة القديسة بربارة. والألواح يمكن تمييزها حيث قاموا بتركيبها في العصر الفاطمي. والمجموعة تستقر في الجناح الجديد الذي يظهر مختلف الأنواع والطرز والموضوعات، مثل التصميمات الهندسية، لفائف نبات الأكانتس وأوراق العنب، وإفريزات مزدانة بأرانب، وطواويس، وطيور، والأنشطة الريفية، مرورًا بالتراث الهيللينستي والقبطي حتى الصيغ الفنية الإسلامية في مصر.ويضم المتحف القبطي مخطوطات للكتاب المقدس تعود لآلاف السنين. وتم تطوير العرض المتحفي به من أجل تقديم صورة جميلة للزائرين عن تاريخ وآثار وحضارة مصر العظيمة في المرحلة القبطية.
متحف آثار مكتبة الإسكندرية
يعدأول متحف آثار يُقام داخل مكتبة. وجاءت تلك المبادرة نتيجة اكتشاف عدد من القطع الأثرية في موقع المكتبة. وتم تشكيل لجنة لإعداد الدراسات اللازمة لتكوين متحف يضم بعض الأعمال التي تم العثور عليها في موقع المكتبة. وتم تشكيل لجنة من الأثريين لإعداد خطة للمتحف. وتضم مجموعة المتحف عصورًا مختلفة للحضارة المصرية بدءًا من العصر الفرعوني وحتى العصر الإسلامي مرورًا بالحضارة اليونانية التي جاءت إلى مصر مع قدوم الإسكندر الأكبر والتي أعقبتها الحضارة الرومانية ثم القبطية قبل دخول الإسلام إلى مصر.
وُلدت فكرة استضافة متحف للآثار داخل مجمع مكتبة الإسكندرية الثقافي حين تم اكتشاف عدد من القطع الأثرية الرائعة التي تعود للعصر الهيللينستي والروماني والبيزنطي، وذلك ضمن أعمال الحفر التي تمت قبل إقامة المكتبة في موقعها ذلك.ومتحف الآثار هو أحد المتاحف القليلة في العالم التي تعرض قطعًا فنية تم اكتشافها في نفس مكان عرضها.وقد تم افتتاح المتحف رسميًّا في ١٦ أكتوبر ٢٠٠٢ ميلادية. وقد اختيرت مقتنياته بعناية لتعكس تاريخ مصر الثري والمتعدد الثقافات والممتد عبر الثقافات الفرعونية واليونانية والرومانية، والقبطية والإسلامية، مع التركيز على الإسكندرية والمرحلة الهيللينستية. ويحتوي المتحف على ١١٣٣ قطعة معروضة أبرزها المجموعتان التاليتان:
- قطع فنية اكتشفت أثناء أعمال الحفر في موقع المكتبة (١٩٩٣-١٩٩٥ ميلادية).
- آثار رُفعت من قاع البحر المتوسط بالقرب من الميناء الشرقي وفي منطقة خليج «أبو قير».
قد تم إنشاء المتحف في عام ٢٠٠١ ميلادية بهدف تعزيز البحث والابتكار من خلال البرامج والأنشطة المختلفة. فهو يعمل على تعريف زائريه بالفترات المختلفة من تاريخ مصر، وعلى توعية الشباب والنشء ثقافيًّا عن طريق تقديم مجموعة مختلفة من البرامج التعليمية.
قد صُمِّم المتحف بأسلوب عصري باستخدام أحدث تقنيات التصميم الداخلي؛ مثل أنظمة الإضاءة البصرية الحديثة التي تناسب المعارض، وأنظمة مكافحة الحريق والسرقة. وأضيفت اللغة الفرنسية مؤخرًا إلى بطاقات الشرح بجميع الأقسام بالمتحف بجانب اللغتين العربية والإنجليزية لخدمة كافة زائري المتحف.
يعد الموقع الإلكتروني لمتحف الآثار والذي يضم قاعدة بيانات مسجل عليها ما يقرب من ألف قطعة أثرية هو الأول من نوعه على مستوى مصر؛ من حيث عرضه لأغلب مقتنياته للجمهور على شبكة الإنترنت باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية. حيث يستطيع المستخدم من خلال الموقع الدخول على أيٍّ من أقسام المتحف وقراءة مقدمة تاريخية وفنية عن العصر الذي تنتمي إليه القطع المعروضة بتلك الأقسام، يلي ذلك عرض تفصيلي وسلس لأهم القطع الأثرية المعروضة بالقسم. كما يمكن لزائري الموقع القيام بجولة تخيلية داخل قاعات المتحف.
تُعد مجموعة آثار «موقع مكتبة الإسكندرية» من أبرز وأهم المجموعات التي يضمها متحف الآثار؛ فهي تعكس المستوى الفني المتميز وطبيعة الحياة اليومية للعصر الهيللينستي، والروماني، والمسيحي. كما تعد نواة المجموعات التي أُلحقت به بعد ذلك من مختلف المتاحف المصرية؛ إذ إنه عُثر عليها أثناء حفر أساسات مبنى المكتبة الحالي. ويضم ذلك القسم مائة وإحدى عشرة قطعة أثرية يأتي على رأسها أرضيات الفسيفساء بالغة الجمال التي تؤرخ للعصر الهيللينستي، والتي يُعتقد أنها كانت تُغطي أرضيات القصور الملكية التي كانت قائمة بهذه المنطقة.
يعرض قسم الآثار الغارقة بعض القطع الأثرية التي تم انتشالها من قاع الميناء الشرقي بالإسكندرية، ومن خليج «أبو قير» – حيث كانت تقوم المدن القديمة «ثونيس-هيراكيلون»، و»كانوبس»، و»مينوثيس». وتضم تلك المجموعة – بجانب العملات والحُليّ والأمفورات – مجموعة متفردة من التماثيل وبقايا التماثيل، والتي يظهر فيها التأثير الأجنبي على الفن المصري. ومن تلك النماذج المتميزة تمثال من البازلت الأسود يُعتقد أنه يُصوِّر إحدى الملكات البطلميات والتي قد تكون «أرسينوي الثانية».
يضم متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية 183 قطعة من القطع الأثرية المكتشفة على جزيرة نلسون،حيثتقع على بُعد أربعة كيلومترات من رأس خليج «أبو قير» وثمانية عشر كيلومترًا من قلب الإسكندرية. وقد بدأت بعثة إيطالية من جامعة «تورين» أعمالها في جزيرة نلسون عام 1998 ميلادية وأثمرت جهودها بالكشف عن أكثر من 200 قطعة ذات أهمية أثرية كبيرة ساهمت بشكل أساسي في فهم حياة وثقافة ساكني الجزيرة القدماء. ومن بين تلك الاكتشافات قطع ترجع إلى الأسرة المصرية السادسة والعشرين وإلى العصر البطلمي، بالإضافة إلى بعض القطع والنقوش والمقابر التي تعود إلى فترة الوجود البريطاني بعد معركة النيل في أغسطس من العام 1798 ميلادية.
كان الحرص الدائم على تقديم كل ما هو جديد لزائري متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية هو الدافع لاستعارة بعض القطع الفريدة من المتحف اليوناني الروماني لعرضها بشكل مؤقت. وتضم تلك المجموعات قطعًا متميزة فنيًّا وتاريخيًّا وأثريًّا؛ إذ تنتمي لموضوعات ومجالات متنوعة وترجع لعصور تاريخية مختلفة وهي كالآتي: مجموعة من الأقنعة الجنائزية،ومجموعة خاصة بالإلهة إيزيس ومخصصاتها. وفي الفترة الحالية، تم عرض تمثال الكاتب المصري وعدد كبير من القطع ووسائل العرض واستخدام التكنولوجيا الحدثية في العرض المتحفي.
يعد متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية من أجمع وأروع المتاحف الأثرية في مصر. ويعرض مجموعة من القطع الأثرية في تتابع تاريخي يوضح ثراء وعظمة حضارة مصر عبر العصور. ويقدم بذلك رسالة مصر الحضارية الخالدة أرض الحضارات عبر القرون والأزمان.
المتحف المصري الكبير
يقع بالقرب من أهرامات الجيزة. ويتم بناؤه ليكون أكبر متحف في العالم للآثار ويستوعب العديد من الملايين من الزوار سنويًا. بالإضافة لمباني الخدمات التجارية والترفيهية ومركز الترميم والحديقة المتحفية التي سيزرع بها الأشجار التي كانت معروفة عند المصري القديم. ومن المقرر أن يضم المتحف أكثر من 100,000 قطعة أثرية من العصور المصرية القديمة، واليونانية الرومانية، مما سيعطي دفعة كبيرة لقطاع في مصر. ويعد ذلك المتحف هو البيت الجديد للملك الذهبي توت عنخ آمون حيث سوف يتم عرض آثاره كاملة بالمتحف. وتم نقل تمثال الملك رمسيس الثاني من موقعه القديم في ميدان رمسيس بالقاهرة ليوضع في موقعه الجديد بمدخل المتحف المصري الكبير، والذي يصل وزنة إلى 83 طنًا.تم الانتهاء من نقل عدد كبير من القطع الأثرية من العديد من المواقع والمناطق والمتاحف الأثرية، خصوصًا من المتحف المصري بميدان التحرير، إلى المتحف المصري الكبير. وسوف يعرض به العديد من القطع الأثرية التي تعود إلى عصور مختلفة من الحضارة المصرية القديمة، وإن كان أغلبها يعود لعصر الدولة الحديثة. ومن بينها تمثال كبير للملك أمنحتب الثالث والإله حورس من الجرانيت الوردي يزن حوالي أربعة أطنان والذي سيتم عرضه على الدرج العظيم بالمتحف بالإضافة إلى عدد من قطع الفخار ومجموعة من التوابيت. وتم نقل عدد كبير من القطع الأثرية من المتحف المصري بميدان التحرير إلى المتحف المصري الكبير، ومن ضمن القطع المنقولة أكبر عدد من مقتنيات الملك توت عنخ آمون، تمهيدًا لعرضها ضمن مجموعته المقرر نقلها بالكامل إلى المتحف الكبير عند الافتتاح المقرر للمتحف قريبًا إن شاء الله. واستقبل المتحف على فترات مختلفة القطع الخشبية الخاصة بمركب خوفو الثانية؛ وذلك لاستكمال ترميمها وعرضها بالمتحف. وتم نقل مركب خوفو الأولى إلى أرض مشروع المتحف المصري الكبير منذ فترة قصيرة؛ كي تعرض بدلاً من متحفها القديم إلى الجنوب من ضلع الهرم الأكبر الجنوبي بالجيزة. وتمت نقل وإقامة مسلة معلقة تخص الملك رمسيس الثاني أمام واجهة المتحف قبل الدخول مباشرة إلى المتحف ومشاهدة تمثال الملك رمسيس الثاني العظيم.
لنا تكملة في العدد القادم