الرئيس الشهيد رفيق الحريري ادرك أن الحمرا ليست مجرد منطقة تجارية، بل رمز لهوية بيروت الحديثة، فعمل على تطوير بنيتها التحتية وتشجيع المشاريع الاستثمارية والسياحية.
الحمرا ليست مجرّد شارعٍ من شوارع العاصمة اللبنانية، بل هي مرآة بيروت ولبنان كله. “
تعود شهرة الحمرا إلى خمسينيات القرن الماضي، حين تحوّل من شارعٍ سكنيٍّ هادئ إلى مركزٍ ثقافي وتجاري نابض.
اجرت الحوار / مديرة مكتب بيروت منى حسن
شارع الحمراء هو أحد أهم الشوارع الرئيسية في بيروت، لبنان، ويُعد مركزًا حيويًا للثقافة والتجارة والترفيه. يشتهر بمزيجه الثقافي النابض بالحياة، ويحتوي على العديد من المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية، بالإضافة إلى المسارح ودور السينما والمؤسسات الثقافية. تاريخيًا، كان الشارع مركزًا للحياة الفكرية في المدينة.
يُعتبر واحدًا من أبرز المعالم الحضارية
والاقتصادية والدبلوماسية في بيروت.
• اما عن الحياة
الثقافية:
فهو كان وما زال ملتقى
للمثقفين والفنانين، ويضم العديد من المسارح ودور السينما.
ويتميز شارع الحمرا بالحركة التجارية
النشطة ومجموعة متنوعة من المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي التي توفر أجواء
حيوية، بما في ذلك الحياة الليلية.
• اما تاريخه
فيعود تاريخ المنطقة
إلى أواخر القرن التاسع عشر، وتطورت لتصبح مركزًا تجاريًا وفكريًا. وقد شهد
تحولات عبر الزمن، بما في ذلك دوره كبديل مؤقت للأسواق المدمرة خلال الحرب
الأهلية.
“الرسالة الكندية “” أجرت حوارا مع عضو جمعية تجار الحمرا الاستاذ محمد الريس سألته عن ما يميز منطقة
الحمرا عن سائر المناطق اللبنانية
والى تفاصيل الحوار :
> ما الذي يجعل شارع الحمرا في بيروت شارعًا فريدًا لا يشبه غيره؟
-لأن الحمرا ليست مجرّد شارعٍ من شوارع
العاصمة اللبنانية، بل هي مرآة بيروت ولبنان كله. من يسير في أزقّتها أو يجلس في
أحد مقاهيها، يشعر وكأنه يعبر بين مراحل تاريخية متلاحقة تختصر قصة مدينة بأكملها.
هنا، تختلط رائحة القهوة
بصوت فيروز في الصباح، وتتناغم اللهجات اللبنانية والعربية والأجنبية في مشهدٍ
يوميٍّ يعبّر عن تنوّع لبنان الثقافي والاجتماعي. في الحمرا تتقاطع الثقافات،
وتنبض الحياة في الكتب المعروضة على الأرصفة، وفي النقاشات الفلسفية داخل المقاهي
القديمة التي طالما احتضنت أدباء ومفكرين وصحفيين.
> متى بدأ شارع
الحمرا يكتسب مكانته المميزة في بيروت؟
-تعود شهرة الحمرا إلى
خمسينيات القرن الماضي، حين تحوّل من شارعٍ سكنيٍّ هادئ إلى مركزٍ ثقافي وتجاري
نابض. في تلك الحقبة، شهد لبنان نهضة فكرية وفنية، فكانت الحمرا منبرها الأبرز.
افتُتحت فيه المسارح
ودور السينما، وازدهرت المقاهي الأدبية مثل “الهورس شو” و“مودكا”، التي كانت ملتقى
لكتّاب كبار من لبنان والعالم العربي. كما أن وجود الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) جعله مقصداً للطلاب والمثقفين من مختلف الدول، فصار
الشارع بمثابة “جامعة مفتوحة” على الحياة بكل معانيها.
> كيف ساهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري في تطوير شارع الحمرا؟
في تسعينيات القرن
الماضي، وتحديدًا خلال فترة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، شهد الشارع مرحلة جديدة
من التحديث والإحياء. أدرك الحريري أن الحمرا ليست مجرد منطقة تجارية، بل رمز
لهوية بيروت الحديثة، فعمل على تطوير بنيتها التحتية وتشجيع المشاريع الاستثمارية
والسياحية.
بفضل هذه الجهود،
استعادت الحمرا بريقها تدريجيًا بعد سنوات الحرب الأهلية، وبدأت المؤسسات الثقافية
والمقاهي والفنادق بالعودة. تحوّلت من جديد إلى مركزٍ للحياة الليلية، والفنون،
والاقتصاد، والتعليم، والسياحة، فجمعت بين الأصالة والتجدد في مزيجٍ قلّ نظيره في
أي مدينة عربية أخرى.
ما هي أبرز المعالم التي تميّز شارع الحمرا
اليوم؟
– يزخر الشارع بالمعالم
التي تجعل منه وجهةً لا يمكن تجاوزها لأي زائر لبيروت. من بين هذه المعالم:
الجامعة الأميركية في بيروت بحدائقها المطلة على البحر.
المسارح التاريخية مثل مسرح “مترو المدينة” ومسرح “دوار الشمس”.
المكتبات ودور النشر التي ما زالت تنبض رغم الأزمات.
المقاهي العريقة التي كانت شاهدًا على لقاءات الشعراء والفنانين.
المحلات التجارية والفنادق التي تمزج بين
الطابع المحلي والعالمي.
كل زاوية في الحمرا
تحكي قصة؛ من جدرانها المزخرفة بذكريات الحرب والسلام، إلى الأرصفة التي لا تخلو
من المارة حتى في أكثر الأوقات صعوبة.
> كيف أثّرت الأزمات الاقتصادية الحديثة على شارع الحمرا؟
– مثل سائر مناطق لبنان، لم يسلم شارع الحمرا
من تداعيات الأزمة الاقتصادية الخانقة التي ضربت البلاد منذ عام 2019، والتي
ترافقت مع جائحة كورونا.
أُغلقت العديد من
المحال والمطاعم، وتراجعت الحركة السياحية بشكلٍ كبير. غير أن الحمرا، بطبيعتها
الصامدة، لم تستسلم. فهي تمرّض أحيانًا… لكنها لا تموت.
اليوم، بدأ الشارع
يستعيد أنفاسه ببطء، مدعومًا بإرادة سكانه وأصحاب محاله الذين يصرّون على البقاء
مهما اشتدت العواصف.
>ما الذي يمثله شارع الحمرا في الذاكرة
اللبنانية؟
– الحمرا ليست فقط
شارعًا، بل هي حالة شعورية وذاكرة وطنية.
هي مرآة تعكس روح بيروت
التي تنهض من بين الركام، تبتسم رغم الأزمات، وتبقى متمسكة بالحياة.
هي المكان الذي يختصر
لبنان في تنوّعه وثرائه وتناقضاته أيضًا؛ ففي بضعة أمتار يمكنك أن تجد طالبًا
يناقش أطروحة فلسفية، وسائحًا يلتقط الصور، وتاجرًا يعرض بضاعته، وفنانًا يعزف
موسيقاه على الرصيف.
ذلك هو الحمرا الحقيقي:
مختبر للحرية، ومسرح للتنوّع، وصوتٌ ينبض في قلب العاصمة مهما تغيّرت الأزمنة.
> كلمة أخيرة، كيف
يمكن وصف الحمرا اليوم؟
يمكن القول إن شارع الحمرا هو نبض بيروت الذي
لا يتوقف.
هو ذاكرة الماضي، ومرآة
الحاضر، وبذرة الأمل للمستقبل.
قد تتبدل واجهاته، وقد
تتغير ملامحه، لكن روحه تبقى كما هي: حرة، مثقفة، مقاومة، وعاشقة للحياة.