بقلم: سليم خليل
لا عجب أن يستغرب القارئ العزيز العنوان – محمد مارون عبود – و – فاطمة مارون عبود- لأنه يجمع بين النبي محمد وإبنته فاطمة والقديس – مار مارون – زعيم الطائفة المارونية المسحية ومركزها لبنان وطن الطوائف العديدة المتقاتلة والمتصالحة منذ أكثر من مئتي عام .
يعتبر الشاعر والكاتب اللبناني الشهير – مارون عبود ١٨٨٦-١٩٦٢ من رواد النهضة الأدبيه في القرن الماضي والذي عاصر مؤامرات إمبراطورية وخلافة بني عثمان الأتراك على الطوائف اللبنانية مسيحيين ومحمديين ليتقاتلوا بدون هوادة ليسهل عليهم حكم المنطقة .
عاش الشاعر مارون عبود مؤامرة إغتيال المدعو – علي الحجار – وهو أحد زعماء طائفة الموحدين الدروز في أواخر القرن التاسع عشر؛ إغتاله عملاء الأتراك واتهموا المسيحيين الموارنة بإغتياله؛ فتطور الخلاف بين الطائفتين من التوتر إلى القتال وذهب عدد غير قليل من الضحايا الأبرياء. هذا النوع من المؤامرات حدث في التاريخ القديم والمعاصر وسيستمر في المستقبل للأسف .
أما ما دفع الشاعر مارون عبود لتسمية أحد أبنائه – محمد مارون – وابنته – فاطمة مارون – هو القتل في لبنان المبني على طائفة الإسم المسجل في الهوية ؛ ثار على هذا الوضع وأعطى الإسم الجامع للديانتين لإبنه وابنته ونظم قصيدة معبرة أذكر هنا بضع أبيات منها :
عشت يا بني ، عشت يا خير صبي ولدته أمه في رجب
فهتفنا باسمه محمدا أيها التاريخ لا تستغرب
خفف الدهشة واخشع أن رأيت إبن مارون سَمِيَا للنبي
أمه ما ولدته مسلما أو مسيحيا ولكن عربي
يا ربوع الشرق إصغي واسمعي درسا عزيز الطلب
زَرِع الجهل خلافا بيننا فافترقنا بإسمنا واللقب
شغلوا المشرق في أديانه فغدا عبدا لأهل المغرب
فالافندي مسلم في عرفنا والمسيحي خواجة فأعجبي
ثم يقول:
بك قد خالفت يا بني ملتي راجيا مطلع عصر ذهبي
فإذا ما مت يا بني في غد فاتبع خطوتي في الأرب
وعلى لحدي لا تندب وقل آية تزري بأغلى الخطب
عاش حرا عربيا صادقا وطواه اللحد حرا عربي
والد الشاعر مارون عبود : الخوري الماروني موسى إبن الخوري يوحنا عبود ؛ ولدته أمه يوم عيد القديس مارون
مؤسس الطائفة المارونية المسيحية فسماه والده مارون تيمًنا بعيد مار مارون ، كما أن إبنه ولد في شهر رجب فأعطاه
إسم محمد تيمنا بشهر رجب المبارك لدى المسلمين ومتأثرا وثائرا على القتل من قبل عصابات على حواجز على الطرق
تقتل المسافرين أو المارين الأبرياء فقط لأنهم من الديانة الأخرى.
قال مارون عبود : رزقت ولدا فسميته محمدا وإبنة سميتها فاطمة فقامت قيامة الناس؛ فريق يستهجن ويكفٍر ، وفريق
يوالي وينتصر؛ وكان أول من قدر هذا العمل وأعجب به أشد العجب صديقي الكاتب الشهير أمين الريحاني الذي كتب لي رسالة تشجيع وتأييد .
كان والده الخوري يوحنا عبود يريد منه أن يكمل دروسه في رهبانية مار مارون ليرسم كاهنا لكن الشاب مارون؛ الذي برز منذ صباه في نظم الشعر ومراسلة الصحف التي نشرت كلماته؛ أصرً على إتمام دراسته اللغة وإنتقل إلى مدرسة الحكمة في بيروت حيث إحتك بعدد من الطلاب المولًعين بالشعر والكتابة أمثال سعيد عقل ورشيد تقي الدين وأحمد تقي الدين وغيرهم الذين كانوا من رواد النهضة الأدبية والفكرية في العالم العربي .
ولد الشاعر مارون في قرية (عين كفاح) من قضاء مدينة جبيل في لبنان أطلق عليه لقب الأديب الناقد الساخر؛ بالإضافة إلى نشره العديد من الكتب والأشعار درًس اللغة العربية في الجامعة الوطنية اللبنانية وساهم بمقالات في عدة صحف يومية وتولى إدارة تحرير مجلة الحكمة في مدينة جبيل . نال العديد من الأوسمة من تركيا قبل الحرب العالمية الأولى ومن فرنسا ومن بابا روما ومن القدس ومن المملكة الهاشمية الأردنية وأوسمة عديدة من لبنان .