بقلم: مينا بشير
استَقيَظتُ هذا الصَباح و أنا بلا ذات، فكل ذَرّةٍ من كَياني مُنفَصِلةٌ عن الأخرى، تَسبَحُ في مَلَكوتٍ خاصٍّ بها و تَسيرُ تحت إمرةِ العَشوائية. داخِلي مَليءٌ بالكُهوفِ و العَوالِمِ الصَغيرةِ المُغلَقة، لكنني لم أجِد بعدُ طَريقةً للوَصلِ بين كل تلكَ العَوالمِ و الشَخصياتِ المُرَكَّبة. لستُ مُصابةً بالتَشَتُّت، لكنَّ التَشَتُّتَ مُصابٌ بي، بوصَلَتي الصغيرةُ ذات الزُجاجِ المُتَصَدِّع لا تُشيرُ سوى في اتِّجاهِ الضَياع، ربَّما لأن وجهَتي الوَحيدةَ و الدائِمةَ هي الأين، الأين اللَعينة!
لم أعُد أريدُ شَيئًا سوى إيجادِ كل قِطَعي المُتَناثِرةِ ثم مُحاولةِ لَصقِها عَبَثًا، حتى قَهوَتي لم تَعُد قادِرةً على جَمعِ شَتاتي و حَلِّ أحاجي الكَلِماتِ المُتَقاطِعةِ في رأسي. تَتَقاذَفُني أمواجُ الأفكارِ كقطعةِ خَشَبٍ تبحَثُ عن غَريقٍ لتُنقِذَه، تبحَثُ عن جَدوى، عن مَغزى، عن هدَف. نعم، أنا ذلك اللَوحُ الخشَبيُّ المسكينُ المُتَخَلِّفُ عن قطارِ الزمَن، اللَوحُ الذي مازالَ مُستَمِرًّا في البَحثِ عن جاك، في مُحاولةِ إنقاذٍ مُتأخِّرةٍ جدًا، فقط ليَبدو مُنصِفًا أمامَ التاريخ.