بقلم: تيماء الجيوش
حق التنقل و حق السفر هو من الحقوق الاساسية و الأصيلة التي ترتبط بشخص الانسان و لا تنفصل عنه . هذا الحق نصت عليه الشرعة الدولية، العهود و المواثيق الدولية ، و شرعة حقوق الانسان ، الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي صدر في العام ١٩٤٨ اكد هذا الحق في مادته (١٣) شرعة الحقوق المدنية و السياسية في العام ١٩٦٦ أكدت ذلك و ثمنته في المادة (١٢)كما نصت عليه الدساتير المحلية في معظم البلدان . من حيث المبدأ يحق للمواطن ان يتنقل بحرية في حدود بلده و له مطلق الحرية في السفر والتنقل خارجه. و هذا ما كان عليه الدستور السوري للعام ١٩٧٣ حيث أكد ان «الحرية حق مقدس» في المادة (٢٥) وفي المادة (٣٣ ) منه أكد أن . «لكل مواطن الحق في التنقل في أراضي الدولة». إذاً هو حقٌ أساسي مثله مثل حق التعلم و العمل و الانتخاب و الحق في الحياة و المساواة.
تقف المرأة السورية و العربية كما النساء عامةً في المجتمعات المختلفة اليوم وهي ترقب بعين هيئة الأمم المتحدة و بعينٍ اخرى الحكومات والمجتمع المدني و مدى وفائهم للعهود و الالتزامات لا سيما تلك التي أفضت اليها مقررات مؤتمر بكين لمناهضة العنف ضد المرأة في العام 1994. فهي المعاهدة الأكثر وضوحاً و تفصيلاً فيما يتعلق بحقوق المرأة. ربما هي جردة حساب حيث سيتم الاحتفال بمرور 25 عاماً على توقيع الاتفاقية.
لعل السؤال الاول الذي يبرز هنا و في معرض التهيؤ لهذه الاحتفالية هو ، هل الالتزام بالمساواة ، بين الجنسين قد اصبح حقيقة واقعة لجميع النساء والفتيات ؟
هل تم إيقاف تهميش المرأة او تقليصه و تاريخياً كلنا يعلم عن هذا التهميش والعمق الاجتماعي و الثقافي و الاقتصادي له؟
هل نجرؤ على الحلم برؤية عالمٍ أكثر ازدهاراً و سلاماً و حريةً لكلٍ من الرجال و النساء؟ اما انه من العزيز بمكان ان يتم طرح هكذا سؤال؟
التقدم النسبي حصل لا أحد ينكر ذلك لكن التغيير الجذري و البنيوي هو أكثر من بطيء حيث الغالبية العظمى من النساء لا زالت ترزح تحت نير عدم المساواة و التمييز . أيضاً بات معلوماً لدى العديد من الباحثين و المهتمين و جمهور المواطن العادي في البلدان على اختلافها ، أن القانون و تغييره و الثقافة و جمودها من أهم مصاعب تحرر المرأة و نيلها حقوقها. لم تُعطى المرأة قيمتها الحقيقية حتى الان في العديد من المجتمعات و منها العربية.
الان ماذا نود ان نرى و قد تحقق للمرأة السورية و العربية عموماً؟
بالتأكيد ستكون المطالبة بالمساواة و بوضع حدٍ للعنف ضدها بكافة اشكاله هي نقطة البدء ومن البديهي ان تكون متلازمة مع الدعوى بالمشاركة بالحياة السياسية و صنع القرار على صعد المؤسسات المحلية جميعاً. اقتصادياً و صحياً و اجتماعياً و ثقافياً .
لا يمكن تصور أن هناك مجتمعات لا زالت تعامل نسائها على أنهن قاصرات أو غير مستقلات و بحاجة الى إذنٍ من اوليائهن و ازواجهن في كل أمر . خذوا إذن السفر على سبيل المثال في سوريا وهو ذاته ينطبق على النساء العربيات في مختلف الأقطار العربية. المرأة العزباء/ غير المتزوجة هي حرة في تنقلها من حيث المبدأ قانوناً اما المرأة المتزوجة فهي لا تستطيع السفر دون إذن الزوج في حال منعه. لو القينا نظرة الى عقود خلت في محاولة لمعرفة جذور هذا المنع لوجدنا أنه قد صدر بصيغة امر من وزير الداخلية و يحمل الرقم 876 مؤرخ في 8/8/1979
و هو يمنح الزوج الحق المطلق بفرض الحظر على سفر زوجته من خلال طلب خطي الى دائرة الهجرة و الجوازات لتنفيذه هكذا و بكل بساطة على الرغم من معارضته لنص دستوري سوري ينص على حرية السفر و التنقل و هو يشابه بذلك دساتير كثيرة أهمها الدستور الكندي الذي يؤكد على حرية الأفراد في التنقل و السفر .
إذاً لا معنى هنا لقانون او دستور ما دام أمراً إدارياً بصدوره يكون كابحاً لحقوق أساسية و حريات. القانون هو مجموعة القواعد و النظم التي تحكم مجتمع ما و تعمل على تنظيمه. القرار الوزاري او الامر هو اعلان محدد من مؤسسة ما او دائرة او وزارة وهدفه إحداث نتيجة قانونية او وضعٍ قانوني معين او إلغاؤه . القانون هو المرجعية و هو الناظم التي يدور في فلكها القرار و لا يخالفه وليس العكس. خلاصة الحديث تقوم الدولة و المجتمع بآنٍ معاً بحماية مواطنيها و صيانة حقوقهم و الناظم هو القانون ومعايير الحماية المحلية و الشرعة الدولية. لا يمكن بحال ان يتم خرق حق دستوري و قانون و عدم احترامه بإصدار قرارٍ اداري او وزاري يضرب بعرض الحائط كرامة و حقوق المرأة ، لا يمكن ان يأتي الدستور ليحمي حقوق مواطنيه جميعاً في الحرية و التنقل ليأتي امر وزاري و يضع الدستور جانباً و يخالف احكامه و يخنق حرية سفر وتنقل المرأة .
اسبوع سعيد لكم جميعاً.