بقلم : أحمد مصعب شيخة
تلجأ بعض النخب الثقافية والتي يفترض فيها أن تمارس التحليل والتفكيك للوقائع أي الاعتماد على المنطق نتيجة أميتها وعدم استيعابها لمناهج التحليل الاجتماعي وتطبيقاتها ونتيجة ضعفها وعجزها عن التصدي للواقع ومشكلاته الخاصة إلى استعارة نماذج من خارج بيئتها ومحيطها فيرفعون شعارات الديمقراطية والحرية يملؤون بها الدنيا ضجيجا مختزلين بتلك الشعارات في مطالبة الطرف المحاور بالتسليم بآرائهم ومواقفهم الضيقة ولو اختلف هذا المحاور معهم ولو بشكل جزئي توجه له أصابع الاتهام بمناصرة الديكتاتورية وبالشوفينية والإرهاب ممارسين ذات النهج التكفيري وسياسة الإقصاء الذي تمارسه اﻷصولية السياسية الدينية بحق المختلفين معها وتكون بذلك عرضة لخدمة القوى الكبرى التي تضع تلك المقولات في خدنة مصالحها الخاصة واستراتيجياتها وتكتيكاتها وبذلك تتيه قوانين المفاهيم الاجتماعية والقوانين العلمية في ظل هذا الضجيج والصدى والزحمة الفكرية المصطنعة والسطحية وعندما نواجه بالفشل ننتقل بشكل دراماتيكي إلى النقيض حيث تتغير مفاهيم الوطنية من بعدها الإنساني والعالمي الواسع إلى اختزالها في الحي الذي نعيش فيه بل وإلى الزقاق الخاص الذي يقع فيه المسكن ليصبح الوطن كانتونات صغيرة في متتاليات جزئية لا تعرف التوقف وليصبح مطمع لكل المستفيدين وأنت إذا لم تسلم بذلك حكم عليك بتهمة الفاشية غير مؤمن بالحوار والتعددية مستندين إلى مقولة حق يراد بها باطل ” لا بد من تحقيق مصالحة مع الحي والزقاق الذي تعيش فيه ”
متناسين أن رسالة المثقف هي نشر الوعي والتحريض على الفعل والعمل على الدخول في عصر تنوير جديد يتماهى مع الضرورة الحضارية والمجتمعية لوطننا وليس التسليم بما هو مكون ضيق للأفق والتسليم بالرؤية الواحدة وتركة عهود الطائفية والعشائرية
إن مواجهة الإرهاب لا تقتضي فقط إدانة النهج التكفيري ولكن معالجة ثقافة الضيق باﻵراء واﻷفكار حيث تحل ثقافة التسامح والحوار بديلا عن ثقافة التكفير وأحادية التفكير والضيق بالرأي الأخر وعندما يكون هناك مكان لصراع اﻷزهار وتفاعلها نكون على الجادة الصحيحة في مواجهة الإرهاب ودحر مرتكزاته ونقترب رويدا رويداً من مجتمع الحرية والديمقراطية