بقلم : عادل عطية
يا سيدة الأوجاع!
كم كانت آلامكِ، في غياب والديكَ، تاركين لكِ لقب «اليتيمة» في سنكِ الصغيرة!
وكم كانت آلامكِ، وهي تتترى أمام رؤى سمعان الشيخ: سيفاً، بعد سيف، بعد سيف!
وكم كانت آلامكِ، وأنتِ تهربين في جُنْح الليل، حاملة طفلك المنفي من وجه الاضطهاد والموت!
وكم كانت آلامكِ، وأنتِ تعانين من صدى صرخات أمهات أطفال بيت لحم المذبوحين، ومن الدروب المقفرة والوعرة، ومن سنوات الغربة، والحنين إلى أرضك، وإلى عشيرتك!
وكم كانت آلامكِ، عندما ضاع أبنكَ الحبيب في أورشليم، ولا تعلمين سبب اختفائه. وعلى مدى ثلاث أيام قاسية، تبحثين عمن كان كل ما تملكينه!
وكم كانت آلامكِ، وأنتِ ترين أبنكِ المُقيّد بالوثق والسلاسل، والمغطى بنزيف الجراح الثخينة، والمكلل بإكليل من الشوك المغروس، وواقعاً على درب الجلجلة تحت صليبه الثقيل الذي كان يحمله على كتفيه المخضبتين الدم!
وكم كانت آلامكِ، وأنتِ واقفة أمام الصليب، ترين أبنكِ يموت رويداً رويداً، تحت وطأة العذاب المر، منبوذاً، ومزدری به!
وكم كانت آلامكِ، وأنت ترين أبنكِ يلفظ أنفاسه الأخيرة، وترينه بين ذراعيك فاقداً روعة الحياة، ومجرداً من بهاء جماله!
وكم كانت آلامكِ، وأنت تتركين قلبك الرقيق المحترق بالحب مكفناَ معه!
يا سيدة الأوجاع!
في مدرسة آلامكِ، نتعلم من احتمالكِ وصبركِ، أن هناك أوجاعاً نكابدها وحدنا!
وأن هناك من يسود عليها بثقة وإيمان ورجاء صادق في وعد الله بالحياة الأبدية!
وأن الآلام لا تعني أن الله ينسانا، ولا تعني أنه يعاقبنا، ولا تعني أنه غير موجود!