بقلم: كنده الجيوش
أتحدث اليوم عن ثلاثة سيدات كنديات عربيات متميزات في عالم الثقافة والأدب ورفع إسم الوطن كندا والوطن الأول سواء كان العراق أو الأردن أم سوريا عاليا. سيدات اليوم هن قدوة يتابعها القراء من مختلف الفئات العمرية. الكاتبة القديرة هناء الرملي والكاتبة الملهمة بدور عبدالباقي عطار والشاعرة المتميزة أروى السامرائي.
انجازاتهن كبيرة لأنها تقاس بمدى تأثير كلماتهن على كل من يقرأ كلماتهن او يحضر فعالياتهن الثقافية وقدرتهن على أحداث تغيير في بلدانهن الأولى العراق الذي لازال يبني نفسه ويبني الإنسان بعد دمار كبير .. وسوريا التي خرجت من حرب طحنت الإنسان والبنيان وكانت من الأكثر ألما في عصرنا الحالي .. وكذلك الأردن ولبنان والمناطق الفلسطينية التي تنتشر فيها المخيمات والمناطق الفقيرة التي هي أحوج ما تكون إلى الثقافة والتعليم من اجل مساعدة الأطفال واللاجئين والجيل الشاب للخروج من براثن الفقر والبطالة والجهل.
السيدة الشاعرة العراقية المتميزة أروى مصطفى السامرائي التي تحظى بتقدير دولي لعروضها متعددة اللغات حيث تشتهر بدمجها الفريد بين الغنائية العربية وإيقاع السرد الإنجليزي تقول أن الأدب والثقافة والعلم هم مفتاح الحياة.
اروى، التي تُحوّل الشعر إلى تجارب ثقافية غامرة، ترى أن الأدب هو جسر للتفاهم والتمكين بين الثقافات، وقد قدمت عروضها في مهرجانات ومتاحف ومؤسسات أدبية كبرى في أمريكا الشمالية وأوربا والشرق الأوسط.
اروى ناشطة اجتماعية وسياسية وتؤمن بالتعليم كأداة أساسية للنمو والتقدم وهي حاصلة على شهادة الدراسات العليا من جامعة هارفارد في التربية وأساليب التدريس الإبداعية.
وصنفت اروى كفنانة مميزة في أمسية الشعر الأبيض، معهد العالم العربي (باريس، فرنسا) ورشحت لجائزة بابل وحصلت على شهادة الإنجاز مدى الحياة (العراق) . ورُشِّحت لجائزة صانع الأمل (دبي، ٢٠١٧) ومُنحت تقديرًا لاستخدامها الشعر في تعزيز التغيير الاجتماعي.
ولعل هذا المقطع من قصيدة لها عن راقصة الباليه من الأمثلة الجميلة عن نتاجها الفكري.
تجسدُ القصة…. لعاشقٍ أحبَ…
إلهة ً بابليَّة ً… ولم تبلغْ القصةُ أهله
أطفأ عقيقَ دمعه …بين ثنايا السطورِ من عمره
ما طابَ يوماً جرحهُ… ولم يعرف الهوى طعمه
يا كلماتي المسترسلة… لقصائد َ مؤجلة
غزلتُ الظنونَ خيوطاً… حولَ تولِ* الخصر
غيمةً مثقلة… لعلها تمطرُ
فوق لحظةٍ هاربةٍ… من أجنداتِ الوعودِ الكاذبة
لتبددَ السرابَ من قلبِ الصحراء…
وتفجرَ في الإنسانِ واحةً وارفة.
والمعرفة في العالم تدور حول القراءة والتعليم وهو شعار ترفعه السيدة بدور عبدالباقي عطار التي كان لها نتاج ادبي اطلقته قريبا في مونتريال تجمع فيه بين الثقافة العربية وكذلك ثقافة وقضايا بلدها الأول سوريا وبين روح الثقافة الكندية. السيدة بدور، وهي كاتبة وناشطة اجتماعية وعضو في العديد من النشاطات والمؤسسات العريقة في كندا، أقامت في مونتريال حفل توقيع اول كتاب لها «ظلّ وطن» وتبرعت لدفع العلم قدما في سوريا وريع يذهب لصالح دعم مدرسة في دمشق الكبرى. كم هو مهم هذا الجهد لمساعدة أبناء بلد انهكته الحرب وكم هي مبادرة إنسانية كبيرة وتكبر اكثر لأنها فردية وتأتي في أوقات حرجة. هي اليوم تربط بين النتاج الأدبي وبين مساعدة المحتاجين للتعلم والثقافة والنمو.
كلماتها تتحدث عنها وعن نتاجها الأدبي المميز وتقول بدور في تقديمها للكتاب: «قبل أن يكون «ظلّ وطن» كتابًا بين أيديكم، كان وجعًا يسكن صدري، وظلًّا طويلًا أحمله معي حيث أمضي.
كتبتُ لأقول إنّ الخراب لا يعرّفنا، وأنّ الاستبداد لا يختصرنا، وأنّ الحرب مهما سرقت منّا، لا تستطيع أن تنتزع جذورنا ولا تلك المساحة الصغيرة في الروح التي تشبه حضن الأب حين كان الوطن فكرةً دافئة لا خريطة ممزّقة.»
«كتبت هذا الكتاب لأنني أؤمن أنّ النهضة تبدأ من إنسان واحد يقرر أن يكون نورًا، من أمّ تعلّم طفلها أن لا يكره، من شاب يختار أن يبني بدل أن يهدم، من قلبٍ لا يسمح للحقد أن يتحوّل إلى مصير… لأن أقول إنّ الوطن لا يموت طالما هناك من يحمله في ذاكرته ويورّثه حبًا لا خوفًا.»
امًا السيدة المتميزة هناء الرملي وهي مهندسة أردينة مدنية خبيرة استشارية في شؤون الإنترنت، كاتبة ومحاضرة وباحثة ولقبت «مغيّرة الحياة» التي تحارب الفقر بالكتب من مؤسسة إنقاذ الطفل ومؤسسة دياكونيا السويديتين.
هناء الرملي هي مؤسسة ورئيسة جمعية «كتابي كتابك» (٢٠٠٩) التي تدعم إنشاء مكتبات عامة وإقامة مشاريع للتشجيع على القراءة لدى الأطفال والشباب والأسر بشكل عام في القرى والمخيمات وجمعيات الأيتام. ونالت التكريم العالمي على هذه المبادرة. ومن خلالها استطاعت إنشاء اعداد كبيرة من المكتبات وانضم للمبادرة متطوعين من دول عربية عديدة.
وهناء الخبيرة في شؤون توعية الأسر والأطفال حول الإنترنت تقول بأنها وأثناء دعوتها لتوقيع كتابها «أبطال الإنترنت» في كندا رأت عبارة استوقفتها كثيرا. «The World Needs More Canada” وترجمتها هي «العالم يحتاج إلى مزيد من كندا» بينما يغطي جدار المكان حيث التوقيع أسماء اشهر أدباء كندا.
وتقول :» سألت وعرفت التالي أن هذه العبارة أصبحت شعارًا ثقافيًا معروفًا في كندا.» والمقصود من هذه العبارة احتفاء بالثقافة الكندية ودعوة لنشر قيم كندا من حيث العدل والسلام وكذلك التشجيع على القراءة المحلية والفخر بالثقافة المحلية.
أديباتنا هن وأعمالهن نتاج فكري وثقافي للتجربة العربية الممزوجة بالثقافة الكندية وهو حقا نتاج مميز ويستحق كل تقدير وإنجازاتهن الكبيرة لا يتسع لها المكان ولكن ذكرهن والتذكير بهن مهم.













