بقلم: احمد مصعب شيخة
الجزء الأول :
إن التفكير والتأمل يمثل ممارسة ذهنية يقوم بها الفرد للتعرف إلى كل ما يحيط به لفهم ذاته وسبب وجوده وعلاقته بالبيئة التي يعيش فيها وكما أن الإنسان لديه القدرة على التفكير فبالتالي يملك أداة النطق والتعبير بما توصل إليه من حقائق.
لذلك لا غرابة في وجود الاختلافات الفكرية بين البشر بسبب اختلاف البيئات واختلاف الذكاء والإدراك فهذا الاختلاف ينتج حالة من التفاعل متفقة بينها أو متصادمة وهو ما نطلق عليه مفهوم الحوار.
والحوار ليس غاية في حد ذاته وإنما وسيلة إلى الوصول إلى الحق في مسألة موضوع الحوار نفسه.
وحين تتغلب العاطفة عند الإنسان على العقل تدفعه تلك العاطفة نحو تجاوز دائرة العدل والحق المراد الوصول إليه من خلال هذا الحوار فيبذل قصارى جهده ليظهر أمام الناس بمظهر الكمال.
مما يشجعه لأن يثبت سلامة تصرفه وصحة منهجه فيلجأ إلى التبرير فإذا وجد مخالفة أو معارضة لرأيه لجأ إلى الجدال وفيه يقاتل بضراوة رغبة في الانتصار لنفسه لا حرصا على الوصول إلى الحقيقة كما يفترض أن يكون عليه الحوار العقلاني ويتحول إلى قطيعة فكرية تزيد من حمى الخلاف في المجتمع ويسهم من غير قصد في نمو التطرف الفكري.
إن نهج الإقصاء ورفض لغة الحوار العقلاني ليس حاصل جمود فكري في تفسير النص فحسب ولكنه أيضا حاصل بنية اجتماعية هشة ومتخلفة وهو انعكاس موضوعي لحالة ضعف في هياكل النخب الثقافية والوطنية.