بقلم: كينده الجيوش
كانت السيدة “أم وانيس” الأرمنية صديقة حميمة لجدتي التركية “خديجة”!! وكان الإطار الذي احتضن هذه الصداقة هو مدينة الحسكة! في سوريا!
وكانت السيدتان صديقتان حميمتان.. رغم الألم والعداوة والذكريات المؤلمة التي تكونت خلال الحرب العالمية الاولى بسبب اضطهاد الأتراك للأرمن وملاحقتهم وقتلهم والتمثيل بهم ومن ثم هربهم الى سوريا.
كانتا تلتقيان يوميا، ولم تشكل هذه الذكريات والآلام حاجزا أبدا بين الصديقتين.
كانت ام وانيس وجدتي خديجة في أواخر القرن الماضي سيدتان كبيرتان في السن وقد غزا الشيب شعرهما! ولكن رغم ذلك كانتا سيدتان انيقتان وجميلتان!
ومثل الحلم الجميل،كانتا تضحكان وتتبادلان أطراف الحديث ويعلو صوتهما قهقهة وهن تشربان القهوة الصباحية.
كنت اجلس معهما احيانا وارقب بعيني الطفل المدهوش كيف تدخنان وكيف تضعان العطوس في انفهما! هذه البودرة التي تساعدهما على التنفس بشكل افضل .. تلك الأيام.
وبقيت هذه تجربة غريبة تجلب لي الابتسامة كلما تذكرت جدتي وأم وانيس رحمهما الله.. وربما الذكرى الوحيدة!
كانت اياما مشمسة وجميلة! الحسكة مدينة جميلة بأهلها ومقاومتها للطائفية– رغم محاولات نشرها وانتشارها! وربما تكون هناك نفوس ضعيفة هنا او هناك ولكن الأهم هو الطابع العام والمقاومة لهذه الأفكار السلبية من قبل أهل المدينة.
الحسكة مدينة صغيرة وأهلها عائلة واحدة والغريب بينهم هو ابن جديد لهم وابنة جديدة! وليس هناك غريب في الحسكة!
الأرمن الذين هربوا الى سوريا وعاشوا قرب أهل الحسكة المسيحيين والمسلمين كانوا سوريين بكل المعاني.
جدتي كانت مسلمة سنية وأم وانيس كانت مسيحية ارثوذكسية!
فصح مجيد وكل عام وانتم بخير
كل عام والحسكة وسوريا بخير!