بقلم: هيثم السباعي
1- المقدمه:
ذكرنا بالعدد الماضي لمحة عن أوضاع العالم العربي، بعد الإستقلال. سنبدأ اليوم بالدخول بصلب الموضوع الذي لا شك بانه من المواضيع الصعبه والشائكه لأنه يؤرق مضاجع جميع المواطنين المخلصين في أصقاع العالم العربي عامه وفي بلدان الاغتراب خاصه لان الأخيرين يرون بأم العين الظروف التي يعيش فيها الانسان العادي في البلاد المتحضرة والتي يفتقدها في وطنه الأم.
موضوعنا سيتطرق باختصار للحقبات التاريخية المختلفة التي مر بها العرب من العصر الجاهلي الى العصر الحالي مرورا بظهور الاسلام والخلافة الراشدة والعصرين الأموي والعباسي وعصر الانحطاط، آخذين بعين الاعتبار مواصفات وطبيعة العقليه العربيه. نتكلم بعدها عن العصر الحديث بما له وما عليه من الاستعمار الى الاستقلال الى تأثيرات الخطاب الديني محاولين بعدها تلخيص السلبيات التي يعاني منها الانسان العربي ومجتمعه وتقديم بعض الاقتراحات التي يمكن اتخاذها للخروج من التخلف الشديد الذي يعاني منه عالمنا العربي.
٢. العصر الجاهلي والموروث الثقافي:
لقد تعرض تدوين تاريخ العرب القديم إلى الإهمال، لفترة تبعد عن الإسلام قرناً فاكثر فجاء ضعيفا هزيلا بعيدا في طبعه وفي مادته عن طبع التواريخ ومادتها. وقد بدأت الدراسات عن تاريخ العرب القديم وشبه الجزيرة العربيةً في القرن التاسع عشرحيث تمكن المستشرقون من ترجمةِ ونشرِ عددٍ كبيرٍ من النقوش المكتشفة، وكذلك صياغته بشكل علميّ، معتمدين على المصادر القديمة التي أشارت إلى حياة العرب في تلك الأزمنة.
لقد عزا بعض الباحثين هذا التقصير إلى الإسلام، فزعم إن رغبة الإسلام كانت قد اتجهت إلى استئصال كل ما يمت إلى أيام الوثنية في الجزيرة العربية بصلة، مستدلا بحديث: “الإسلام يهدم ما قبله”
من الجدير بالذكر، قبل الإسترسال بالموضوع، أنه في العام ٤٣٠٠ قبل الميلاد، بدأت الأمطار تقل في الجزيرة العربية وتجف الأنهار فكانت سببا في هجرة سكان الجزيرة العربية تدريجيا إلى الشمال بما عرف بـ”الهجرات السامية” إلى حيث الوفرة المائية من الأنهار كدجلة والفرات. وشكل ذلك الشعب “العرق السامي” الذي تعرض للدراسات بهدف تحديد معالمه وثقافته.
أما أول ظهور تاريخي لكلمة “عرب” فقد كان في “معركة قرقر” في سنة ٨٥٣ قبل الميلاد، واطلق هذا الاسم في البداية على سكان شمال الجزيرة العربية مقترنا بالذات بالقيداريين، ثم توالى ذكر العرب في النصوص التاريخية حتى شملت كلمة “عرب” كل سكانها حتى الجنوب، وقد قسم المؤرخون المسلمون أصول العرب إلى ثلاث طبقات: وهم العرب العاربة، العرب المستعربة، والعرب البائدة. تلك التقسيمات بالإضافة إلى تسمية “عدنانيين” و”قحطانيين” لم تكن موجودة قبل الإسلام ولم يعرفها الأدب الجاهلي وإنما وجدت بعد الإسلام في الفترة الأموية حيث أصبح اليمانيون أو “عرب الجنوب” كما يسميهم المستشرقون من جهة وعرب باقي الجزيرة العربية “الشماليون”. عرف العرب أيضا باسم “الإسماعيليين” حتى فترات قريبة من الإسلام.
“العرب البائدة” هم الأقوام القديمة التي لم يبق لها ذكر. بعض الشعوب العربية التي ذكرت في المصادر القديمة ثم اختفت هي: (العماليق، ثمود، القيداريين، مديانيين، دادانيين). وظهر من الجزيرة العربية الهكسوس الذين نزحوا من الشمال وإستولوا على الدلتا بشمال مصر في الألفية الثانية قبل الميلاد.
٢.١ الديانة:
كان معظم العرب قبل الإسلام قد فقدوا تعاليم أنبياء الله هود وصالح وضعفت تعاليم الحنيفية دين أبوهم إبراهيم، فكانوا على الوثنية يعبدون الأصنام، أو مشركون كما في مكة فقد جمعوا ما بين عبادة الله وعبادة الأصنام، وتواجدت الديانة المسيحية كذلك لكنها أقل بشكل كبير عن الوثنية، بينما كان انتشار اليهودية محدودا.
سنتكلم في العدد القادم عن العقلية العربية كما وصفها، المستشرقون والمفكرون العرب والأقوام القديمة.
فصح مجيد وكل عام والجميع بألف خير.