بقلم: سليم خليل
تحدث التاريخ عن ظلم السلطة أو المجتمع لرواد وعلماء استنتجت أدمغتهم أفكار علمية تقدمية حاربتها الأنظمة والأديان لأنها ناقضت مفاهيم وتقاليد مارسها المجتمع الذي لم يتقبَل التغيير؛ والنتيجة كانت السجن أو النفي، وبعد عقود من الزمن من وفاتهم تحققت أفكارهم ورد اعتبارهم .
كثيرون من العلماء في التاريخ عانوا من تقدًم إستنتجاتهم ولا مجال للتحدث عنهم ؛ لكن أحدث هذه المعاناة كانت للدكتور جاك كيفوركيان الأميركي ١٩٢٨ – 2011 الذي أَطلق عليه إسم – ملاك الموت- لأنه ساعد على إنهاء حياة مرضى عانوا من مرض عضال لا أمل من شفائهم ، مقعدين وغائبين عن الوعي بقوا على قيد الحياة بمساعدة طبية طال أمدها .
بعد التأكد من عدم جدوى المعالجة وإنعدام الأمل بالتحسن كان الدكتور كيفوركيان ، ليرفع عن نفسه المسؤولية ، يضع الحقنة القاتلة في الوريد ويترك حقن المادة القاتلة لذوي المريض أو للمريض نفسه إذا كان واعيا .
لم يتقبل في حينه المجتمع الطبي والقوانين تصرفات الدكتور كيفوركيان ؛ أَعتقل وحوكم مؤبدا ؛ أطلق سراحه بعد عدة سنوات من السجن لحالته المرضية بشرط التوقف عن مساعدة المرضى المزمنين وتوفي بعد المعاناة من مرض عضال و بدون مساعدة أحد.
حاليا نتيجة الإسعاف السريع والضمانات الصحية الحكومية أو غيرها للعموم يطول عمر المرضى حتى لو كانوا مقعدين ولا أمل من عودتهم إلى النشاط العادي ومنهم من يعاني من آلام ومعالجات موجعة ، أخذت السلطات تعيد حساباتها وتسمح للمرضى المزمنين أن يقرروا مصيرهم في إنهاء حياتهم بمساعدة طبية .
في كندا عام 2016 شهر حزيران/ يونيو تم تعديل القانون الجزائي وسمح بالمساعدة الطبية لإنهاء حياة المعانين من أمراض مزمنة دون أمل بالشفاء ومنذ ذلك التاريخ يتزايد عدد طالبي المساعدة الطبية للموت بكرامة وتؤكد الإحصائيات في مقاطعة أونتاريو أن – ١٩١- مريضا طلبوا إنهاء حياتهم في الستة أشهر الأولى بعد صدور القرار و- ٣٦٢ – مريضا في الستة أشهر التالية و ٢١١٨ مجموع عدد الموتى بكرامة منذ حزيران 2016 حتى هذا التاريخ ؛ وحاليا يوجد – ٤٧٧- مريضا على لائحة الموت بكرامة تدرس اللجان الطبية وضعهم للتنفيذ؛ وهناك مهلة عشرة أيام للمريض الواعي إذا قرر التراجع عن قراره مع السماح للطبيب بتجاهلها إذا كان المريض يتألم وبحالة عجز دائم وبدون أمل للتحسن .
طبعا الأرقام المذكورة أعلاه يمكن أن تطبق نسبيا على جميع المقاطعات الكندية حسب عدد سكانها لأنه في هذا القرار رحمة للمرضى ولذويهم ليعودوا إلى حياتهم العادية.
هولندا كانت الدولة السباقة في هذا المجال وصدر القرار عام 2001 وتبعتها بلجيكا عام 2002 وحاليا دول كثيرة تلغي جريمة مساعدة الموت الطبية للمرضى الذين لا أمل من شفائهم.
قال الدكتور كيفوركيان إن رحمة الموت ليست جريمة وحوكم عليه بالسجن وخرج من السجن مريضا وتوفي بمرضه ؛ هل سيعاد اعتباره ويعتبر شهيد الموت بكرامة عوضا عن المجرم ملاك الموت !!!











