بقلم: سليم خليل
كل عام مع إقتراب أعياد الميلاد ورأس السنة نهرع جميعا إلى المخازن لشراء بطاقات التهنئة بالعيد ونقرأ بعضها لنجد التهنئة المناسبة للمرسل إليه . بعد الإنتهاء من ذلك الواجب الإجتماعي والديني يتنفس الكثيرون الصعداء – وأنا منهم – قائلين إنتهت المهمة هذا العام ونطلب من الله أن يمد بعمرنا لنقوم بذات المهمة في العام القادم ؛ ويكون مصير مئات ملايين البطاقات في العالم في أكياس القمامة . إن ما يحدث كل عام حول بطاقات الأعياد ومصيرها أثار تفكيري فتذكرت القصة التالية :
في أحد أحياء مدينة أوروبية ، عاشت سيدة عجوز مريضة لا معين لها سوى أحد الجيران الذي كان يوميا يرسل إبنه ذا العشر سنوات ليسألها عن حاجاتها، لقد كانت تعطيه بعض المال ليشتري لها ما تريد وكانت تلك السيدة تترك لذلك الولد
بعض القروش ليصرفها على الحلوى والتسلية .
ذات يوم سأل الولد السيدة : إذا قدر لك أن تغادري البيت ، إلى أين ترغبين أن تذهبي؟ فأجابته : أتمنى أن أذهب إلى مكان كنيسة الحي التي كنت إرتل فيها وأحتفل فيها بالأعياد مع سكان الحي ، تلك الكنيسة دمرتها الحرب ، وبعدها تغيرت
معالم المدينة بسبب التنظيم الجديد للشوارع ولم يعاد بناء الكنيسة مجددا، بعد هذا الحديث طلبت العجوز من الولد بعض الحاجات وأعطته ما يحتاج من نقود لشراء حاجاتها مع بعض القروش له أكثر من العادة لأن الوقت كان قريبا من أعياد الميلاد ورأس السنة .
في السوق أخذ الولد يتجول لشراء حاجات العجوز وما يحلو له من ألعاب بمناسبة العيد ، وإذا به يجد بطاقة معايدة تذكارية عليها صورة الحي القديم والكنيسة حيث كانت تلك السيدة تصلي وترنًم مع جوقة الكنيسة !!! إشترى البطاقة ولم يبق معه شيء من المال لنفسه وعاد إلى السيدة قائلا :
وجدت صورة الكنيسة التي تحبينها والتي دمرتها الحرب !!!
فوجئت السيدة بالبطاقة التي أعادتها بالذكرى عشرات السنين إلى الوراء عندما كانت شابة ترتل وتخدم الكنيسة وتصلي للباري تعالى ، ثم احتضنت الولد شاكرة وقالت له سأحتفظ بهذه البطاقة ما دمت على قيد الحياة ، وسأضعها أمامي لأصلي وكأني أرتل تراتيل الآحاد والأعياد.
بعد مرور عيد الميلاد وقبل عيد رأس السنة فكر الولد بزيارة العجوز مثل العادة ؛ رافقه والده لمعايدة العجوز فوجداها فاقدة الحياة وبيدها على صدرها بطاقة صورة الكنيسة ومعها وصيتها واهبة كافة ما تملك لذلك الولد .