بقلم: الاب / فريدريك اليسوعي
تكلمت في العدد رقم 449 أي في العدد قبل الماضي عن الأدلة العقلية التي تؤكد وتُثبت ألوهية السيد المسيح ومنها:
1- شجاعة التلاميذ 2- إصرارهم على الشهادة بقيامة السيد المسيح من الأموات
3- وضعهم لقيامة المسيح كأساس للإيمان المسيحي
4- شهادة بولس الرسول الذي تحول من اليهودية للمسيحية
5- كمال المسيح وتقوى تلاميذه ونزاهتهم
6- انتشار المسيحية بفعل قوة وحقيقة هذه القيامة
7- شهادات بعض علماء اليهود وغيرهم عن صحة هذا الحدث «قيامة المسيح».
واليوم استكمل ما بدأته من أدلة.. بالأدلة الروحية التي تؤكد قيامة السيد المسيح من الأموات ومنها التالي:
1- ولادته من عذراء: وهو دليل قاطع كونه وإن كان قد ظهر بالجسد أي في جسد مادي إلا أنه لم يكن من جهة جوهره واحداً من سكان الأرض، بل كان هو الرب من السماء، وقد شهد الوحي الإلهي بهذه الحقيقة بكل جلاء حيث قال: «الانسان الأول (أي آدم) من الأرض ترابي أي أن جسده ترابي مكون من التراب .. بينما الإنسان الثاني وهو (يسوع المسيح) الرب من السماء (1 كورنثوس 15:47،48 ) وشخص مكون جسده بفعل سماوي كان لابد أن يقوم بجسده هذا من القبر ويعود إلى السماء ، كما أن الشخص الترابي المكون من التراب لابد أن يعود إلى تراب الأرض تكوين (3:19). وبما أن المسيح هو الإنسان الثاني بالمقابلة مع آدم الإنسان الأول من جهة نيابته عن البشر والذي بسقوطه في الخطية سقطنا جميعاً معه بحكم وراثتنا منه للطبيعة التي تميل إلى الخطيئة والعصيان وهو على خلاف السيد المسيح بوصفه الرأس الروحي للبشر والنائب الجديد لهم، لذا كل من يؤمن به بقلبه يتمتع ببره إلى الأبد، كما ويحصل منه على حياة روحية تسمو به فوق ناموس الخطيئة التي تسيطر عليه.
2- صمته المطلقة: حيث كانت حياة السيد المسيح على الأرض حياة الكمال المطلق وقد شهد أعداؤه وأصدقاؤه بهذه الحقيقة .. حيث قال أعداؤه عنه « أنه ليست فيه علة ما « (يوحنا 18:38)، كما قالوا عنه إنه بار «متى 24:27» فضلاً عن قول السيد المسيح وسؤاله لمن كانوا معه وحوله من جموع غفيرة «منّ منكم يبكتني على خطيئة؟» ولم يستطع أحد منهم أن يذكر له خطيئة واحدة اقترفها في أي مرحلة من مراحل حياته (يوحنا 8:46)، أما أصدقاؤه فقد قالوا عنه إنه: لم يفعل خطيئة ولا وجد في فمه مكر، الذي إذ شُتِمَ لم يكن يَشتِمُ عوضاً وإذ تألم لم يكن يُهدد بل كان يُسلِّم لمن يقضي بعدلٍ (بطرس 2 : 22-23) وأنه قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السماوات (عبرانيين 7:26) وإنه ظهر لكي يرفع خطايانا، وليس فيه خطيئة (1 يوحنا 3:5).
وقد شهد الاسلام بعصمة السيد المسيح فجاء في تفسير الزمخشري: «ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يُولد فيستهل صارخاً من مس الشيطان إياه، إلا مريم وابنها» (الكشاف ج2 ص 142) وجاء في تفسير الإمام البيضاوي «إن المسيح كان غلاماً طاهراً من الذنوب» (تفسيره ج2 ص175).
وبما أن الموت هو أجرة الخطيئة (رومية 6:23) (تكوين 2:17) كان من البديهي أن لا يموت المسيح بأي حال من الأحوال وأن يعود إلى السماء في أي وقتٍ أراد، ولكن إذ قصد أن يتمم بذاته فداء الله للبشر أخذ على نفسه وتحَّمل عنا جميعاً الخطيئة الأصلية بالإضافة لخطايانا الفعلية أيضاً (1 بطرس 2:24). واحتمل عنا دينونة الأولى وقصاص الثانية حتى الموت ولكن لكماله الذاتي وكمال فدائه معاً كان من غير الممكن لهذا الموت أن يسود عليه كما ساد ويسود على البشر جميعاً الذين بسبب خطاياهم لهم في ذواتهم قضاء الموت ويظلون في قبورهم حتى يوم الدينونة. والموت عند المؤمن لا يُسمى موتاً بل رقاداً لأنه سيقوم بعده إلى سعادة أبدية.
3- قدرته الفائقة: على تطويع كل عوامل الطبيعة البحر والرياح لسلطانه ودخوله للتلاميذ بالجسد رغم الأبواب المغلقة متجاوزاً كل شئ وكل الموانع، بالاضافة لسيره على البحر بصورة طبيعية وكأنه يسير على الأرض، وخروجه من القبر عندما دحرج الملاك الحجر عنه، وخروجه من أكفانه دون أن تنحل عقدة من عقدها أو تتغير طية من طياتها وغيرها الكثير.
4- كونه هو الحياة ورئيس الحياة: وقد شهد هو عن نفسه قائلا: أنا هو الطريق والحق والحياة (يوحنا 6:14) بالإضافة لشهادة كل من بطرس الرسول ويوحنا الرسول عنه «لأن النور لا يقبل الظلمة، والحق لا يقبل الباطل، والموت لا يقوى على الحياة» حيث قال له كل المجد عن نفسه إن له سلطاناً أن يسلمها، ويستردها أيضا (يوحنا 10 : 17-18)
5- إحياؤه لموتى الجسد وموتى الروح: وهي النقطة التي سنتناولها بإستفاضة في العدد القادم إن شاء الله لما لها من دلالة ثبوتية على ألوهية السيد المسيح له كل المجد.
إلى هنا أترككم برعاية الرب الإله مع خالص تهانينا القلبية بعيد الميلاد المجيد وأطيب أمانينا بعام جديد يسوده الحب والاستقرار والسلام للجميع.