بقلم: سونيا الحداد
انقلب العالم رأسا على عقب منذ ثلاثة أشهر، يوم اجتاحه فيروس غير مرئي لكن عواقبه مرئية حتى للصم والبكم والعميان! العالم كما عرفناه سابقا رحل والقادم ولادته عسيرة لا ندري أي وجه سيحمل، هل هو وجه مسخ لا يرحم أم مجنون بسيف الله يضرب! الصدمة عالمية وشاملة، التساؤلات عديدة، الشكوك رهيبة، المواقف وردات الفعل مخيفة قد تبرّر اجراءات تعسفية، دينية، شعوذية وكل ما يمكن للعقل البشري أن يحويه سواء في طبقاته الواعية واللاواعية، الظاهرة والباطنية
الجنون فنون وفنون العقل جنون ساعة يُطلق سراحه تحت تغطية تحمل عناوين طنانة رنّانة، سواء دولية، تاريخية، دينية، عرقية، جنسية، اقتصادية، هبليّة، انتهازيّة واللائحة لا تنتهي. عناوين تمسّ عقلك ترديك عقيما قتيلا قبل أن يمسك أي فيروس، هذا الفيروس الذي قد يكون مجرّد كذبة كبيرة لتغطية كذبة أكبر… جريمة أكبر! فيروس يخدرك ويشلّك حتى تصبح بين يديه العوبة من طين لزج يحوّرها ويشكلها حسب مشيئته وأهدافه هو، الفنان الأعظم!
فيروس يفتح ابواب سجون العقول المعاقة على مصراعيها ويطلق سراحها، لا بل يزيد ويسلّحها بملايين الجنود المرسلة من الله، تجرف وتقتل الأبرياء دون تمييز بين طفل وأم وطاعن بالسن. عقول تفرح بمأساة العالم، تهلّل وتشمت به لأنها دليل على فساده واقتراب موعد القيامة المنتظرة، وقد تاقت أرواحهم الى الجنة والى الجلوس عن يمين إله لم يسبقه سابق في الإجرام والتلذذ في مشاهدة جريمته بدم بارد وعبيده يسجدون له متضرعين أن يعفيهم هذا الكأس ويرحمهم ولكن لا، يصرّ على فنائهم وبأبشع الطرق السادية الممكنة!
فيروس ملعون قد يكون نتيجة هفوة مخبرية أو آخر ما توصلت اليه ترسانة عقول تآكلها الشر وجنون العظمة، تفننت وبرعت في اختراعاتها، تقوم في تجربتها على الساحة تحضيرا للضربة الأخيرة والتي قد تقضي على الملايين، وحدها الشعوب المختارة والتي أطاعتها وانطوت تحت عباءتها قد تنجوا من مختبراتها المفتوحة. مختبرات متاحف تجمع جنون العقول … فنون الجنون.
أين المفر؟ أين الحل وقد بتنا رهينة كل هذا الشر الذي يأتينا من السماء ومن الأرض؟ هل بات فناؤنا هو الحل أم أننا أمام كل هذا الشر والجنون الذي يحيط بنا، نحن أمام فرصة تاريخية لكي نضرب بعرض الحائط جميع هذه العقول ونحطم قيودها وفنونها لنبدأ مسيرة وعي وإدراك على الصعيد الذاتي-الدولي-الكوني؟ مسيرة تسمح لعقولنا أن تتفنّن في جنونها وترسم الحياة حيث يحل الموت، والموت أنواعه والوانه عديدة لكن الحياة وحدها هي التي تحمل جميع الألوان القزحية … التحدي كبير والقرار لنا.