بقلم: سونيا الحداد
نظرت قمر الى وجهه الذي يشعّ نورا وسألته: «ما هو النور ايها المعلم؟»
النور يا ابنتي، لا يمكن لأي كائن أن يصفه وصفا كليا. إنه طاقة كونية لا بداية لها ولا نهاية. لا مصدر لها معلوم ولا هدف لها محدود. تحيط بنا، تخترقنا لتنبثق منا. نولد منها، نعيش ونتفاعل بها ومعها بكل ما تحمله لنا من إيجابيات وسلبيات، ونعود اليها.
إنه الأعجوبة، الشك واليقين، العالم والعليم. شحناته كونية نتبادل بصمات الذاكرة معها. بصمات تحدد مسارنا ومصيرنا. نستمد منه الوحي من جميع مصادره، على انواعه والوانه في كل آن وأوان. إنه حامل التوازن الكوني في شحناته المتضاربة المتكاملة. إنه الرحلة التي تواكب مجيئنا والهدف الذي علينا دخول أعماقه والتوحد بها. من لا يدرك ذلك سيبقى تائها معلقا في مدارات النور العديدة التي لا يعلم بها أحد. انتبهي يا قمر، ولا تتبعي من يقول لك أنه وجد الحقيقة، بل سيري دائما وراء من يبحث عنها باستمرار. الحقيقة ليست في مدارك هنا ولا في أي من طبقاته وسماواته وكل ما لحق به من توصيفات من اناس يطلقون على أنفسهم لقب أهل النور ورسله، وهم بعيدون عنه سنوات ضوئية. ما يرونه في التأملات والرؤى ليس سوى انعكاسا شفافا لروح هذا النور وطبيعته. يحجّموا سناه في سجن القوانين والإجتهاد الذي لا يتخطّى مدارهم الأرضي وهالاته التي تمكن العلم من تجسيدها وايصالها الى البشرية جمعاء، لمن يودّ الإنسياب في بحر النور الكوني اللآنهائي بعيدا عن الخير والشر، مما يؤدّي الى إضعاف وحجب التواصل مع الكلّي اللآنهائي.
قوانين ولدت بين سطورها اللعنة التي دمرت وأحرقت الحضارات والابرياء. اللعنة التي أحرقت بلدك وشردت أبناءه، وها أنت هنا أمامي تبحثين عن الحقيقة. قوانين استعبدت النور خادما يشق لها الطريق بخماره الأسود يضرب ويستبد. يحرق أجنحة الفراشات. يسجن الطيور كي تموت. يسلب الزهورأريجها يفنيها يانعة. قوانين تتحكم بجسدك بروحك وفكرك وقد ولدت ابنة للنور، حرة عارية . قوانين وتفاسير باتت هي الحقيقة والنور رحل منها وعنها يوم تواجدت. كم من نفوس طيبة تسير مسلوبة وراء نور يوحى لها انه البدر الكامل المكتمل الذي لا مثيل له ولا يولد مثله، والحقيقة هي انه لا أحد يعلم، والإرهاب شلّ العقول عن التفكير والتحليل والتمتع بنور الكون الذي يحيط بنا. نور لا قوانين له، تراه وتتحد به من خلال عيون الأطفال التي لم تفسدها بعد قوانين المتنورين. نعم من خلال عيون الأطفال يا قمر. إنها حكمة الحكم ونورها.
كيف لنور الكون أن يحكم بالإعدام وهو الكمال؟ إنهم يا ابنتي لايدرون ما يفعلون !