بقلم: خالد بنيصغي
لا زالت تداعيات السُّعر الإعلامي الجزائري مستمرة بكل أشكال العداء والحقد اتجاه المغرب ، بتزكية من الرئيس الجزائري وحكومته وجنرالاته ، وعندما نسأل أنفسنا بكل براءة الأطفال وسذاجتهم: لماذا هذا الحقد من الجارة الشرقية ؟؟ فإننا وللأسف نتيه دون أن نجد أي جواب شافي ، لأنه بكل بساطة فالجزائر تردد نفس الأسطوانة لما يقرب نصف قرن من الزمن دون أن يخجل عسكرها الحاكم لهذا الذي يردده دون الحد الأدنى للمنطق أو حسن الجوار ، وسنحاول في هذا المقال أن نطرح بعضاً من نقاط الأطروحة الجزائرية وتناقضها مع المنطق والسيرورة التاريخية للمنطقة بشكل عام :
- ظلت الجزائر تردد دائما وإلى اليوم أن لا أطماع لها في الصحراء المغربية ، ولكن في المقابل تساعد ما يسمى بالبوليساريو بالمأوى ( تندوف ) والإنفاق في العتاد العسكري وغيره ، والإنسان العادي لا يمكنه أن يُصَدِّقَ هذه الخرافة إطلاقاً ، وبالرغم من أن الجزائر لا زالت تقول إن مشكل الصحراء المغربية هو من شأن الأمم المتحدة ، وهذا الأمر مردود على الجزائر نفسها من منطق أن افتعال دولة لأي مشكل لدولة أخرى هو أمر سهل في ظل تواجد أقطاب عظمى متناقضة تحكم العالم بقوة المال والسلاح ، وبمعنى أوضح فإن تضارب مصالح هذه الأقطاب الحاكمة تجعل من مشكل تكون مُدَّتُه شهر أو شهريْن يطول إلى عقود وعقود ، وهذا ما يحدث حتى اليوم في مشكل الصحراء المغربية ، بدون أي سبب منطقي ، سوى الحقد الدفين الذي تُكِنُّه حكومة الجزائر للمغرب وشعبه .
- لم تَعْيَ الجزائر من ترديد وتحريض مرتزقة البوليساريو للمطالبة بالاستفتاء وتقرير المصير في الصحراء المغربية وهذا الأمر لا يستند على أبسط الأفكار المنطقية ، لأن الأجدر بالجزائر أن تطلب الاستفتاء من الشعب الجزائري الشقيق إن كان يقبل ويرضى بما تستنزفه مرتزقة البوليساريو من ملايين الدولارات التي تُنْفَقُ من أموال هذا الشعب في التسليح وشراء الدِّمَم الدولية للإبقاء على هذا المشكل المفتعل ، في الوقت الذي تغيب فيه أبسط المواد عن السوق المحلي أو يكون ثمنها غالياً جدا بسبب عجز الحكومة الجزائرية توفيرها لدى المواطنين (البطاطس والحليب والموز و” السميد “ والعدس وغيرها من المواد الأساسية ) يحدث هذا وللأسف في دولة الغاز والنفط ، والسؤال الذي يطرح نفسه هو :
أليس الشعب الجزائري من انتخبهم ؟؟ فلماذا يسيرون عكس رغباته واختياراته في الحياة ؟؟ ونحن نطرح السؤال بكل حسرة وألم : لماذا كل هذا الإرهاب في الغذاء والتنمية للشعب الجزائري الذي يستحق أن يعيش أفضل مما عليه اليوم ؟؟
. أسطوانة الجزائر لم تعد مقبولة الآن أو قابلة للاستماع إليها في ظل هذا التطور الإنساني والتكنولوجي ، ومهما حاول جنرالات الجزائر إقبار الحقائق ، فإن الشمس إذا كانت بازغة فلا يمكننا أن نغطيها بالغربال ، فمن هم مرتزقة البوليساريو ؟؟ للأسف هم مغاربة استقوى زعماؤهم العُصاة من الحكام الجزائريين لا أقل ولا أكثر ، ولأن المشكل المفتعل عاش حتى الآن 46 سنة ، أنشئ جيلٌ لا يعرف الحقيقة بسبب التعبئة الجائرة لحكام الجزائر والزعماء الوهميين الذين تعاقبوا على تجويعهم ، وفرض تلك الحياة القاسية التي لا تتوفر حتى على أدنى شروط الحياة ، ودليل كلامنا يجد صداه من النداء الذي أطلقه الحسن الثاني سنة 1988 ( إن الوطن غفور رحيم ) وقد عاد مئات الأُسَر الصحراوية إلى وطنهم بمن فيهم جيل مخيمات تندوف (الذين ولدوا في تندوف )، بعدما نجحوا بالهروب من بطش المرتزقة . فلو كانوا لا يشعرون بأنهم مغاربة أباً عن جَد فلن يعودوا أبداً ، لأن الوطن كالولادة لا يمكن أن يتكرر مرتيْن .. هذا الوطن الذي فتح لهم أبوابه لأنهم أبناؤه الذين غُرِّرَ بهم ، وهم يعيشون إلى اليوم بين أحضانه في عز وكرامة ، وهذا هو الاستفتاء الحقيقي الذي يجب تطبيقه من أصحاب السلط الوهمية في جبهة مرتزقة البوليساريو الذين يمنعونهم من الالتحاق بوطنهم المغرب ، ويعذبون كل من لم وينجح في الهروب بأبشع أنواع التعذيب ، ولو تركوا الاختيار لهم لعاد أغلبهم لأحضان الوطن الأم الذي هو المغرب والذي يتسع لكل أطيافه . - الجزائر وللأسف لا زالت تتمسك بالاستفتاء في الصحراء المغربية ( وهذا شأنٌ لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد ) وهذا الأمر انتهى ولا رجعة فيه لمجلس الأمم المتحدة ، ومع ذلك لا تزال الجزائر تردده فيما أنه وفي واقع الحال على حكام الجزائر – إن بقي فيهم القليل من الإنسانية – أن ينظموا استفتاء داخليا مع الشعب الجزائري ويسألوه إن كان يقبل من حكومته إنفاق ملايين الدولارات كل سنة لأجل مرتزقة البوليساريو على حساب تنمية وازدهار البلاد ، الإنفاق الذي دام حتى الآن 46 سنة ، ولازال يستنزف إلى اليوم من ميزانية الدولة الجزائرية ، ويزيد من فقر المواطن الجزائري الذي أصبح وللأسف حديث العالم في موضوع الموز والبطاطس والعدس ، وهو الأمر الذي لا نقبله نحن المغاربة لهذا الشعب من أبناء عمومتنا ، فكيف تقبله الدولة الجزائرية لهم ؟؟ للأسف بيد الجارة الشرقية أن تكون أفضل مما هي عليه جنباً إلى جنب مع المغرب وليس ضده أبداً ومن دون أي سبب ، نعم فكيفما كان مشكل الصحراء – وحسب ادعاءاتها أن لا أطماع لها فيها – فإنه لا يعنيها على الإطلاق .
والآن حان الوقت للمملكة المغربية أن تتقدم بطلب إلى مجلس الأمم المتحدة من أجل تحديد موعد نهائي لقبول الحكم الذاتي كحل واقعي أو رفضه من طرف مرتزقة البوليساريو ، وليكن بتاريخ معلوم لا يتجاوز العام أو العامين على أكبر تقدير ، فإن قبلوا عفا الله عما سلف ، وإن رفضوا يصبح المغرب في حِلٍّ من هذا المشكل بإلغاء هذا المقترح بصفة نهائية دون العودة إليه .. كما لايزال المغرب مُصِرّاً على بناء المغرب العربي مع كل بلدانه جانحاً إلى السلم والسلام بكل قوته التي أصبح عليها بفضل الله ، فما تراه اليوم عَكِراً سيصبح صافياً كالبِلَّوْرِ غداً إن شاء الله ..
دمتم بود