بقلم: كنده الجيوش
يتحدث الكثيرين عن صعوبات تربية الأطفال واليافعين والمراهقين في البلاد الغربية ومنها كندا. وهذا موضوع كبير ومتشعب وتدخل فيه أسس التربية في المنزل وأهمية المدرسة بان تكون رديفا وداعما للتربية في المنزل — وخاصة أن الأطفال يعيشون في المدرسة ما يقارب من ثلث أيامهم. ويدخل فيه أيضا الأصدقاء ونوعيتهم ونوعية التوجيه التعليمي والمهن التي يدفعون الأولاد باتجاهها أو أصول التربية التي تدعو إلى النجاح عبر البحث عن المحال الذي يحبه التلميذ. . وربما يحب شيء أو يستسهل شيء لن يعود عليه بمنفعة معنوية أو مادية في المستقبل.
وربما لا تدفعه التوجهات الجديدة للدراسة بجد واجتهاد بينما هو يملك كل المقومات للاجتهاد والنجاح على مستوى عالي. ودور الأهل هنا يكون مضاعف لدفع الأولاد للتعلم وقد يؤدي للتصادم بين جهات متعددة منها الأهل والمدرسة والأولاد.
وهنا اذكر حديث دار مرة عن أهمية وسائل الإعلام في التربية وكيف أنها مهمة حقا بالإضافة لجهود الأهل والمدرسة وكيف ان هناك دولا — وبعضها دول اوتوقراطية أو ديكتاتورية أو.. أو — استعملت الإعلام والتلفزيون كوسيلة تعليمية قوية ومنظمة في ظل ظروف تاريخية ساعدت على ذلك وجاءت بنتائج ايجابية.
وبعض هذه الدول – بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وبقصد أو من غير قصد وبأسلوب ربما يعتبر غير مقبول اليوم مع أسلوب التربية المفتوح — نجحت بتربية جيل على أنماط معينة من الثقافة العالية وبعضها جاء بنتيجة جيدة وكل ذلك خلال القرن الماضي عندما لم تكن القنوات التلفزيونية المتعددة متاحة وكانت وسيلة التعليم والترفيه هي بضعة قنوات تشاهد في فترة المساء في مجتمع فقير أو متوسط.
وطبعا هذه الظروف غير متاحة اليوم مع الانفتاح الكبير مع وسائل الإعلام وتنوع المصادر. وأنا لا أقول أن هذه التجربة جيدة للإعادة وهو أمر مستحيل ولكني أقول أنها تجربة جديرة بان نتذكرها ونرى نتاجها.
ومثلا في التلفزيون السوري واعتقد ربما الدول العربية المجاورة أو المماثلة في المصادر المحدودة كانت تعتمد على البرامج الثقافية العالية الجودة من الدول الأوربية وكندا والتي كانت هذه الدول تتبرع بها للدول النامية. وكانت مصدرا مهما للتسلية والتربية معا من خلال التلفاز الذي كان الملجأ الوحيد أو واحد من التسليات القليلة ربما للأطفال حينها.
وايضا كان هناك برامج ثقافية وتعليمية عربية للأطفال تتبرع بها دول الخليج مثل افتح ياسمسم وسلامتك. وفوق هذا كله كان هناك البرامج المحلية التي تحاول أن تنافس جودة البرامج الأجنبية ومنها مثلا عن تاريخ الموسيقى والفن والكلاسيكي والأدب العربي والتاريخ الغربي والعلوم الإنسانية وأخر الاكتشافات العلمية.
ومن هنا عندما كبر هذا الجيل جاء مسلحا بأفضل أنواع المعرفة والثقافة والعلم الذي ساعد الكثير منهم أن يكون على مستوى مقبول من الأخلاق والقيم العالية والثقافة الرفيعة المستوى والمعرفة بالتاريخ وهذا كله تجلى عندما اضطرت هذه الأجيال للهجرة وجاء علمها وثقافتها الإنسانية والعلمية سلاح يقوي يمكنها من النجاح في الكثير من المجتمعات — وان كان هذا لا يزال صعبا بسبب قيود المجتمعات المستقبلة سواء فيما يتعلق بالمهن وسوق العمل. ولكن على الأقل قدموا أنفسهم كأبناء مجتمع غني بتربية الإنسان أخلاقا واحتراما إنسانيا للآخرين وثقافة وعلم ومرونة.
شكرا لجيلنا وجيل أبائنا وعسى أن تساعد الأيام الجميع على أفضل تربية لأولادهم الجيل الجديد الذي يعول عليه الكثير.