بقلم: حسّان عبد الله
هي عبارة عن حكايات أو أقاصيص خرافيّة ، متخيّلة ورمزيّة لها ما للمثل من درس أو عظة ، وفيها ما في الحكمة من توجيه وإرشاد وسداد وصواب ، توضع عادة عل ألسن البهائم من الطير والحيوان كما يشارك فيها البشر فيكون ظاهرها لهوًا وهزلًا وجوهرها أدبًا يهذّبُ النفس ، وعلمًا يفيد العقل ونصحًا يهدي إلى مسالك الخير ودروب الفوز وسياسة الأمور ومعالجتها .
فالمثل عبارة عن حكاية لا تستند إلى حادثة واقعية أو تاريخيّة وإنّما هي من اختراع الخيال وتركيبه ، وقد اتخذها الحكيم رمزًا يصل من طريقه إلى الحكمة .
والواقع أنّ هذا الضرب من القصص لم يكن مجهولًا في الأدب العربي منذ الجاهليّة فقد ظهر هذا الأثر عند الجاهليين كمثل الحيّة والأخوين الذي نظّمه النابغة الذبياني في شعره ولكن أمثال الجاهليين الخرافيّة قليلة ومحدودة ويغلب على أكثرها جفاف الخيال والتوليد الضعيف كزعمهم أنّ النعامة بلا أذنين لأنها غدت تبحث عن قرنين ففقدت أذنيها ، وأنّ الغراب أراد أن يتعلّم مشي القطط فنسي مشيته وصار يحجل.
وعندما ظهر الإسلام احتلّ المثل مكانة بارزة في آيات الكتاب ووردت أمثال على ألسنة الطير والحيوان كخبر سليمان والنمل . ولكنّ ابن المقفع بنقله كليلة ودمنة وإخضاعه اللغة العربيّة لأداء هذا اللون من القصص وتطويعه إيّاها حتّى تتسع لهذا العدد الضخم من الأمثال ، يعتبر صاحب اليد الطولى في تلقيح الفكر العربي بهذا القصص الدخيل .