بقلم: نعمة الله رياض
لطفي هو الإبن الوحيد لأبيه ، أنجبته أمه بعد ثلاث إناث ، وجاءت معه الفرحة التي عمت القرية ، وتقاطر ساكنوها علي منزل والد لطفي الحاج فتحي، يقدمون له الهدايا مصحوبة بزغاريد النساء .. كان الحاج فتحي واحداً من كبار أعيان القرية ، وكان محبوباً لا يبخل علي أحد يحتاج لمال أو مشورة ، فقد كان يعتبر أن كل أهالي القرية أخوته وأقاربه .
كبر لطفي والتحق بالمدرسة الكائنة في المدينة المجاورة .. إستعان والده بشاب من أبناء القرية يدعي رفعت تجاوز عمره العشرين عاما بقليل ، حاصل علي دبلوم التجارة ويجيد قيادة السيارات ، ليعمل سائقاً عنده لتوصيل لطفي من وإلي المدرسة، إستمر الحال علي ذلك حتي تخرج لطفي من المدرسة الثانوية واصبح مؤهلا لدخول الجامعة .. إشتري والده شقة في العاصمة ، ولم يجد سوي رفعت السائق ليخدم لطفي ويساعده في كل إحتياجاته ، يعد له الطعام وينظف الشقة بالإضافة بالطبع
لتوصيله من والي الجامعة بسيارة خصصها والده لتنقلاتهما ..
إستهل رفعت خدمته في شقة العاصمة بالانصياع التام الذي يبديه لأوامر سيده لطفي، والطاعه العمياء في تنفيذ طلباته وذلك ليشبع كبرياء سيده وتعاليه. فكان يجتهد في عمله لإرضاء لطفي الذى كان يشعر دائماً بالراحة والتكاسل في آداء أي عمل عدا إهتمامه فقط بمراجعة دروسه ومحاضراته . مرت الأيام ونجح لطفي في السنه الأولي في الكلية بتقدير مرتفع ،وعاد هو ورفعت إلي القرية لقضاء العطلة الصيفية ، أحس رفعت بفورة الشباب ففكر في الزواج من إحدى فتيات القرية ، وعندما تقدم لأهلها رفضوا لإنه يتيم ويعيش أقاربه في فقر مدقع .. عاني رفعت إثر ذلك من الكأبة والأسي أوصلته لتعاطي المخدرات بأنواعها .. عند إنتهاء العطلة الصيفية ، سافر لطفي ورفعت لشقة العاصمة ليدرس في السنة الثانية بالكلية ، كان لطفي متفرغاً تماماً للدراسة ، لم يكون صداقات شخصية مع أي من زملائه أو زميلاته ، وكان يعود لسكنه فور انتهاء محاضراته وفصوله الدراسية ، حتي إن زملائه أطلقوا عليه : القروي الساذج – لطفي! ..
لكن رفعت كان بخلاف لطفي ، كان منفتحاً علي ما في العاصمة من مباهج لا يجدها في القرية ، كالسينما والمسرح ومباريات الكرة ، وكذلك فرص عديدة لتكوين صداقات خصوصاً مع الجنس الآخر. أثمرت إحدي هذه الفرص علي تعرفه علي فتاه جذابة أثناء تجوله في السوق لشراء مستلزمات للشقة ، كانت نجاة ، وهذا هو إسمها ، تعمل خادمة عند أسرة تسكن في الجوار ، وتوطدت صداقتها مع رفعت إلي حد قبولها دعوته للذهاب معه الي الشقة في غياب لطفي بالجامعة ، حيث أقاما علاقة حميمة في ايام كثيرة .. ذات يوم ، توجه الحاج فتحي إلي العاصمة لإنهاء بعض المعاملات التجارية ، وعندما إنتهي منها فكر في زيارة إبنة لطفي رغم انه لم يعلمه بالزيارة ، توجه إلي الشقة وقرع جرس الباب ففوجئ برفعت السائق يفتح له الباب وهو لا يرتدي سوي نصف ملابسه ، إمتقع وجه رفعت واحس بالإرتباك الشديد وحاول دعوة الحاج فتحي للجلوس علي مقعد قريب من باب الشقة ، لكن الحاج شعر بوجود شخص آخر داخل الشقة ، فاندفع يبحث عنه، وعندما دلف لحجرة رفعت ، أصيب بصدمة عندما رأي فتاة جالسة علي الفراش بملابسها الداخلية .. هاج الحاج وصفع رفعت علي وجهه عدة مرات وهو يصرخ فيه :- يا خائن الأمانة ، لقد وثقت فيك لترعي إبني ، ولم أبخل عليك بشئ ، فماذا فعلت؟ لقد لطخت سمعتي وانت تعبث فساداً في الشقة وحولتها لمرتع للفاحشة .. هل يعلم إبني بما تفعله ؟ أجاب رفعت وهو يبكي :- لا ، لا يا حاج أقسم لك، إني أفعل ذلك في غيابه ، وهذه الفتاة هي خطيبتي وسأتزوجها فور حصولي علي سكن خاص .. رد عليه الحاج بغضب:- هذا ليس عذرا لتلوث شقتي وتفسد إبني ، أترك الشقة حالا ، لا أريد أن أراك مرة أخري .. رجع رفعت إلي القرية حزينا ، بعد أن أخبر لطفي بما حدث ، مكث لطفي في الشقة وحيداً يحاول إستيعاب ما حدث ، لم يعد يستطيع الإبتعاد عن رفعت ، فهو يعتمد عليه في كل شئ ، لم يمضي سوي يومين وحانت العطلة الأسبوعية عندما قرر الذهاب للقرية ومقابلة رفعت ووالده والعمل علي إصلاح الموقف.. ذهب الإثنان وقبلا يد الحاج وأخبراه انه سيتم زواج رفعت من الفتاة نجاة في القريب العاجل وسيتولي رفعت وزوجته خدمة لطفي وسيشغلان فقط الحجرة المخصصة لرفعت ، لا أكثر .. وافق الحاج علي مضض ، وذلك في ضوء مصلحة لطفي في إستكمال سنوات الكلية بسلام ..
عاد لطفي ورفعت من جديد كسابق عهدهما، إلا أن الأدوار أصبحت في طريقها للإنعكاس ، لم يعد رفعت ذلك الخادم المطيع، بل أصبح يتقاسم مع لطفي المنزل وبالتالي دور السيد المشارك في إدارة معيشة ساكني الشقة.. حانت الفرصة لرفعت أن يرد صفعات الحاج له ، إن هدفه الآن هو الوصول للسيطرة والسلطة والتحكم في مصير لطفي ومستقبله ، إنتقاماً لما فعله الحاج به .. كانت البداية عندما أوعز لنجاة أن تتولي إغواء لطفي الذي وقع في الفخ بسهولة نظراً لإنعدام خبرته في التعامل مع الجنس الآخر .. وكانت الخطوة التاليه هى إجباره علي تدخين السجائر ليشعر بالرجولة ، ثم إغرائه بتعاطي المخدرات بانواعها بدعوي زيادة القدرة الجنسية ، والتي وصل بها لطفي لدرجة الإدمان . كان لطفي يصرف شيكا شهريا لتغطية مصاريفه، والآن لم يعد ذلك يكفي لتغطية مصاريف الشقة وشراء المخدرات التي يتعاطاها ثلاثة أفراد..عندئذ طلب رفعت من لطفي السفر في العطلات الأسبوعية للقرية لطلب نقود إضافية، بدعوى زيادة نفقات الدراسة ومصاريف الشقة. وعندما كان لطفي يرفض السفر للقرية كان رفعت يلجأ لضربه ضربا موجعاً ، وكان يتحمل الضرب والإهانة لإنة وقع في فخ الجنس والمخدرات..
ذات ليلة ، دلف رفعت لغرفة نوم لطفي ، فوجده راقداً علي الفراش بدون غطاء ، إستلقي علي الفراش وتمدد بجواره ، فتح لطفي عينيه ونظر إلي رفعت الذي كان يبتسم له إبتسامة صفراء .. قدم لطفي تنازلا ، ليس هو الأول ، ولن يكون الأخير ..