عادل عطية
بداية التقاعد، لا يعني نهاية المطاف، وأن زيت سراجك سينضب بعد أشهر معدودة!
فلماذا تجلس مستكيناً، منكمشاً على كرسي المقعدين، وتستمتع بلذة الكسل، وتغدو جزءاً من الجمود الممقوت؛ فتقتل فيك الحياة وأنت شاخص؟!
أو: تدمن الشعور بالسقوط والهزيمة تحت وطأته، والغوص بالحزن والاستسلام المُذلّ؟
ألأن المستقبل في نظرك الموهوم لم يعد موجوداً، وقد هجرك عميقاً، خلف تجاعيد السنين؟!
أم لأن خيالك الجانح، يُصوّر لك: دماراً وشيكاً أمامك، أو:عبودية لقسوة مرض يقترب، أو: موتاً من خلفك يلاحقك بلا توقف؟!
أم لأنك صدّقت شعورك المزيّف، الذي يضرم فيك الاحساس: بأن قوتك للابتكار قد فارقتك بلا رجعة؟!
إن سن الستين، ليس طرداً من جنّة الحياة إلى سكون العدم؛ فالحياة، دائماً، تدبّ فينا حتى بعد غياب الشمس. ولا يمكن أن يكون التقاعد، بادرة للتوقف والاعتزال؛ لأنه علامة العقل الذي يحمل حكمة الحياة وحياة الحكمة، التي اكتسبناها في قمة أيامنا!
لماذا تنام على أمجادك التي في الماضي، ولا تنشد الكمال أبداً؟
لماذا تحرم نفسك من إلتقاط الكرة التي قذفتها في طفولتك، عندما كنت تلعب في الحديقة، والتي انتظرتها طويلاً، وهي تعود إلى الأرض، حاملة لك ما لم يتحقق من أحلامك وطموحاتك؟!
لماذا تكفّ عن العمل مادمت قادراً عليه، بالبحث عن اهتمامات جديدة، أو العودة إلى هوايات قديمة تنهمك بها؛ فتخسر، على هذا النحو، الكثير من التعبير الاسمى عن تأكيد ذاتك أخلاقياً، وتحرم المجتمع بأكمله من الاستفادة من خبرتك ونضجك وحكمتك، التي تهدرها دونما تفكير، ومن الالتجاء إلى التجارب التي تبددها هباء منثورا؟!
ينبغي، الآن، أن تبتعد عن الشعائر الخاطئة، التي تُعبّر عن احساسك بالخسارة، وإلتزم مجدداً بالعيش الذي تستحقه، ملتجئاً إلى ما لا يموت فيك: الروح الطموحة الخلاّقة، الروح التي تعمل منذ الأزل في الحياة، وتجعلها أكثر غنى بما تتصوّر، وحافلة بكل جديد متجدد!
لا تكن هامشياً، وأرفع كميّ قميصك، وخذ أعباء الغد الدافق المتألق على عاتقك، وجاهد في مهمتك الحاسمة الملهمة، لاسترداد المستقبل، الذي يحاول اليأس أن يسلبه منك!