بقلم: يوسف زمكحل
كان لخطاب الرئيس أنور السادات في مجلس الشعب بزيارة اسرائيل بعد حرب أكتوبر 73 أبلغ الأثر ، حيث حاز على تأييد الغرب لهذا القرار الشجاع خاصة بعد إعلان إسرائيل دعوتها للرئيس السادات لزيارتها بعد هذا الخطاب فقد أستطاع بدهاء يحسد عليه أن يرمي الكرة في ملعب إسرائيل لأنه سيكشف عن حقيقة نواياها تجاه السلام القائم على العدل من عدمه . ولم تكن ردود الفعل العربية جميعها إيجابية على الزيارة حيث قاطعت الدول العربية مصر معلقة عضويتها في الجامعة العربية التي نقل مقرها الدائم من القاهرة إلى تونس العاصمة بناءاً على قرار أتخذ في القمة العربية التي عقدت في بغداد وكان هناك أيضاً ردود أفعال عنيفة إذ اندلعت المظاهرات المعارضة له في بيروت والعديد من المدن اللبنانية كما تم تفجير مكاتب الخطوط الجوية المصرية في بيروت ودمشق وجاء موقف السعودية مخيباً للآمال حيث اصدرت بياناً تنأى فيه ببلادها عن هذه الزيارة وتنتقدها لأنها قسمت العرب، وفي 19 نوفمبر 1977 هبطت الطائرة الرئاسية لمصر للطيران التي تقل الرئيس السادات في مطار بن جوريون الإسرائيلي وكان في استقباله كل قيادات إسرائيل جولدا مائير وموشى ديان وشيمون بيريز وعيزرا وايزمان وأسحق رابين وأيريل شارون وسط حشد ضخم إعلامي وأستطاع السادات بشخصيته أن يجذب جميع الأنظار إليه فجلس كل الإسرائيليين يتابعون بشغف بالغ خطابه في الكنيست والذي قال فيه أنه لم يأت إلى إسرائيل طمعاً في حل منفرد بل جاء لإيجاد حل شامل للقضية الفلسطينية ووقف نزيف الدم ولاقى هذا الخطاب استحساناً من الجميع وأولهم إسرائيل باستثناء العرب الذين لم يستوعبوا وقتها رؤية السادات التي سبقت عصره وعاد الرئيس السادات إلى مصر ليستقبل استقبالاً جماهيرياً أمتد من مطار القاهرة حتى منزله الكائن في الجيزة وكانت هذه الزيارة هي النواة التي على اساسها بدأت مفاوضات كامب دافيد أحد المنتجعات الأمريكية وبدأت المباحثات بين إسرائيل برئاسة مناحم بيجين وبين مصر برئاسة أنور السادات وتحت رعاية أمريكية برئاسة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر وكانت مباحثات بالغة الضراوة حيث هدد فيها الرئيس السادات بالانسحاب أكثر من مرة نتيجة لمماطلة وخبث الوفد الإسرائيلي لولا تدخل الرئيس الأمريكي كارتر إلى أن تم توقيع اتفاقية سميت اتفاقية كامب دافيد للسلام واستطاعت مصر بها أن تستعيد كل أراضيها المحتلة على عدة مراحل وأستشهد السادات في يوم 6 أكتوبر أثناء العرض العسكرى وبقيت مدينة طابا التي دخلت بعدها مصر في مفاوضات بعد تولي الرئيس حسني مبارك الرئاسة وكانت مفاوضات طويلة لجأت فيها مصر للقانون الدولي الذي حكم لمصر بعودة طابا إليها فأستعادت مصر بذلك آخر جزء محتل من أراضيها .