بقلم: تيماء الجيوش
تُعدُّ الصراعات المسلحة ، الحروب والحروب الأهلية سبباً أساسياً لزيادة الوفيات المدنيين و على رأسهم الأطفال والنساء و تدهور الأوضاع الصحية عموماً . فهي أولاً و غالباً يصاحبها انهيار المؤسسات الصحية وعجزها عن تقديم الخدمات والرعاية الصحية. وثانياً ، ما ينجم عن هذه الصراعات من مخاطر تؤثر على الصحة العامة العقلية والجسدية وما تخلفه من آثارٍ نفسية واجتماعية سلبية إبتداءً من الصدمة مروراً بالارتباك والاكتئاب والقلق وانتهاءً بالعزلة.
في الحروب والحروب الأهلية تُجبر المرأة على المشاركة في أعمال العنف و بالنتيجة تتعرض للقتل والإعاقة و السجن. و تنال نصيبها من الفقر و انعدام الرعاية الصحية ليؤدي بها الى النزوح واللجوء و الانفصال عن أسرتها و ربما التشرد و الاتجار بها ناهيك عن الاغتصاب و الاستغلال الجنسي.
فالحرب بالمطلق هي من تحفر الدرب لهذا الاستغلال.
في الحروب تصبح المرأة وحالها كحال المدنيين عامةً عرضةً للإصابات المباشرة ، إطلاق النار، الألغام، الغارات الجوية، و كذلك الاعتداءات الجنسية و الجسدية. وبالأماكن التي يُعتقد أنها أكثر أماناً تقوم الجماعات المتحاربة ومن يدور في فلكها بجعل النساء والأطفال هدفاً لها و محلاً للاعتداءات والاستغلال الجنسي.
هذه الحقيقة كان الإعلام العالمي ووسائل الاتصال الاجتماعي شاهداً عليها و أبرز في مواضع كثر كيف واجهت المرأة مخاطر الحروب و الصراعات المسلحة مجتمعة بمراحلها المختلفة و ما صاحبها من تهجير و لجوء و نزوح و سعي المدنيين أفراداً ،أسراً و جماعات للبحث عن أماكن آمنة حيث يصبح الجميع عرضةً للموت. لعل هذا كان جلياً في التجربة السورية و اللجوء خلال العشر سنوات الماضية حيث قضى العديد حياتهم غرقاً في البحر المتوسط او في الغابات كما و ارتفعت نسبة الوفيات من السير لمسافات طويلة دون رعاية صحية، غذاء، ماء، دواء …الخ. الحروب لا تعرف سياقاتها احتراماً لأبسط الحقوق ناهيك عن الحق في الحياة والأمن ، ولاتستثني أحداً من المدنيين من رجال و نساء و تمتد براثنها الى الأطفال الذين يقعون ضحية لأنواع مختلفة من الإساءة وًسوء المعاملة والإهمال ليشمل الاتجار بالأطفال و اختطافهم ، الاعتداء الجنسي سواء كان في المخيمات ام السجن .زد على ذلك ما تراه الأطراف المتحاربة في النزاعات المسلحة فيهم من ذخيرة فهي لا تتردد في استخدام الأطفال كدروع بشرية في معارك لا علاقة لهم بها. و هكذا تبقى النساء ، يبقى الأطفال و يبقى كل فردٍ مدني في خطر مستمر ما دامت الحروب أو الصراعات قائمة.
عالمنا العربي كان ولا يزال محلاً للحروب الأهلية و قد ثَبُتَ من تفاصيلها غياباً او نقصاً في التخطيط للخدمات الاجتماعية و التعليمية والاقتصادية ، غياباً للسياسات المجتمعية الهادفة لحماية النساء والأطفال في زمن الحرب. قد يكون هناك بضعة من المنظمات غير الحكومية ودورها المركزي في تقديم الخدمات الاجتماعية و برامج معنية بالوعي والتنظيم ، لكن هذا لا يكفي مع غياب السياسة الاجتماعية و بالتعاون مع المنظمات الدولية و الإقليمية . هو بالمطلق لا يكفي ما دام هناك ثقافة تُهّمش المرأة ودورها لتأتي الصراعات و الحروب لتزيد من عمق و نوعية هذا التهميش.
هدمت الحروب معظم جوانب الحياة في مجتمعات بعينها في العالم العربي وتأثرت به بشكل مباشر أم غير مباشر شرائح و طبقات اجتماعية ، حيث تعطلت فيها الخدمات الصحية و التعليمية التي هي محو ر الحياة. وبالعودة الى حقوق النساء والأطفال في ظل العبث الدموي، و من حيث القانون الدولي و الاتفاقيات الدولية لا توجد عقوبات محددة تتناول حماية الأطفال في حالة الحرب وما تجلبه من إهمال و سوء معاملة لهم. العديد من المحامين و الاسرة القانونية الدولية أشار إلى إهمال الأطفال في مناطق الحروب في الممارسات العملية.
قد يكون هناك الكثير من الاتفاقيات لحماية المدنيين في النزاعات المسلحة لكن التطبيق قاصراً في معالجة هذه الفجوة و عدم تناولها بعمق من المؤسسات الدولية. في العالم العربي لا حماية قانونية تُذكر للمرأة والطفل أثناء و بعد النزاعات المسلحة و الأمثلة تبدأ من لبنان، العراق، سوريا، الصومال، ليبيا، فلسطين و اليمن و الآن السودان. السودان اليوم مضى على القتال فيه ما يقارب العشرة أيام .
جلسة الأمن عُقِدتْ يوم الثلاثاء ٢٥من نيسان/ ابريل لبحث الحرب في السودان محذرة من الكارثة التي تلحق بالمدنيين الأبرياء لا سيما النساء والأطفال اللذين لا ناقة لهم ولا جمل في هذه الحرب بين طرفين عسكريين.
Reports of the Secretary-General on the Sudan and South Sudan – Security Council, . 9310th meeting
تتقافز الأرقام عن لجوء ٢٧٠ الفاً الى تشاد، الدول بدأت منذ أيام بإجلاء رعاياها . أمين منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس أشار الى أن حوالي المليون و أربعمائة ألف امرأة سودانية الآن في خطر . منظمة الصحة العالمية حذرت من مخاطر بيولوجية عالية في مختبر محاصر وبحسب BBC ARABIC: من انه تم تخزين مجموعة واسعة من المواد البيولوجية والكيميائية في مختبر بيولوجي ويحتوي المرفق على مسببات أمراض الحصبة والكوليرا، بالإضافة إلى مواد خطرة أخرى.
كما أن انقطاع الكهرباء يعرض مخزون أكياس الدم، المتجهة نحو النفاد، المخزنة في المختبر لخطر التلف.
زد على ذلك لم يسلم من يعمل في المجال الإنساني الدولي من الجرائم بحقهم، حيث تعرضوا الاعتداءات الجنسية و تزايدت الهجمات على مجال الرعاية الصحية، و العاملين فيها والاحتلال العسكري للمستشفيات، ونهب سيارات الإسعاف واختطافها بحسب التقارير الواردة من منظمة الصحة العالمية.
السودان اليوم يشهد عنفاً دموياً لايرحم و يهدد بالمزيد ليس فقط ضمن حدوده بل قد يتجاوزها الى إقليم القرن الإفريقي. السودان ما قبل هذه الحرب كان لديه أزمة في الأمن الغذائي و حوالى ١٥.٨ خمسة عشر مليون شخص ونيف بحاجة الى المساعدات الإنسانية، مع الأزمة الحالية لا يوجد سقف لما قد يحدث إنسانيا، عسكرياً، و أمنياً؟ السودان يستحق من الأسرة الدولية ومن الجميع العمل لإحلال السلام فيه ، واحترام حق مواطنيه في الحياة الآمنة الكريمة بعيداً عن الدماء،ازيز الرصاص و المدافع و اللجوء و العنف بكل أبعاده .