شعر: نسرين حبيب
تَذَوَّقْتُ عِشْقَكَ قَطَراتٍ
مَبلولًا طَرْفُها.. بِمَطَرِ اسطَنبول
دَفَقَ على مَسامِ جِلْدِيَ المَحْروقِ
بِالْوَلَهِ .. كَالكُحول
فَأَحْرَقَ روحِيَ العَطْشى
وأَغْرَقَها في أَسرارِ التّيهِ
أَرْبَعَةَ فُصول
وَمِنْ هذا النَّعيمِ
ذقْتُ الحَنانَ البَتول
وَكُنْتُ مَتى سُئِلْتُ أَقول:
مَشَيْنا عامًا
بِالْيَدِ يَدًا
في ضيقِ الشَّوارِعِ.. وعَتمَةِ الأَزِقَّةِ.. نَجول
نَتَقايَضُ دَفائِنَ العِشْقِ
مِن قَعْرِهِ المُسْتَعِرِ
كَأَنَّ عائِقًا أَمامَنا
أَبَدًا لَن يَحول
حتّى خِلْتُ
أنّي بَطَلَةُ حكايَةِ عِشْقٍ اسطَنبولِيّ مَهول…
إلى أن!..
جاءَني خائِني يَوْمًا
مِن غَياهِبِ المَجهول
يَطرفُ بِالعَيْنِ ضائِعًا.. وَيَبْسمُ بِالغَمْزِ الخَجول
ومِن لُغَةِ الجَسَدِ
تَنَبَّهْتُ إلى ما سَيَؤول..
صارَحَني أَنَّ امرَأَةً.. مِنْ عَذْراواتِ الحُقول
أَصابَتْ أَطْرافَ قَلْبِهِ
وَأَدْمَتْهُ بِدِفْئِها وَغَنْجِها
فَفَهِمْتُ مِنَ المَدْلول
أَنّهُ عِنْدَ أُخرى قَد وَجَدَ ما اتَّفَقْنا
على أَنَّهُ بَيْنَنا لَن يَزول..
وَقَفْتُ عِنْدَ خَيْبَةِ ما أَصابَني مِن ذُهول
أُرَدّدُ كَم عَمَدْتُ بِعَزْمٍ أَنْ أَنول
مَتاهَةً في ضَياعِكَ
فُجورًا في عُهْرِكَ
وَعِفَّةً في طُهْرِكَ.. يا حَبيبِيَ المَخبول
.. إلّا أنّكَ انتَشَلْتَني رُخْصًا
مِن أَلْوانِ جادِ وَعَقيقِ اسطَنبول
لِتَرْمِيَني بِئْسًا في يَباسي
وقَساوَةِ ريفِ الأناضول.