بقلم: كيندة الجيوش
في السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي كانت والدتي علياء الحديدي مديرة مدرستين حكوميتين في مدينة الحسكة في منطقة الجزيرة اوشمال شرق سوريا.
كانت ابنة المنطقة وكان التعليم كل اهتمامها وهمها الاول بالاضافة الى نشاطات كثيرة اخرى.
في تلك الأيام كانت الحسكة تتلقى بين الفترة والأخرى بعض اللاجئين من الإخوة والاحبة الأكراد الذي كانوا يفرون من بطش الأتراك. ومن بين هؤولاء كان أطفال صغار واخرين يافعين في عمر السنوات التسع او العشر.
ولم تكن سوريا بلد متطورة من ناحية تأهيل الطلاب فيما يسمى بصف الاستقبال وكانت مديرية التعليم ترسلهم الى مدرسة والدتي لضمهم الى الصف الاول الابتدائي.
وما كان من والدتي الا ان تجاهلت التعليمات وقامت بتقييم من نوع خاص هي أسست له رحمة بهؤولاء الأطفال. كانت والدتي علياء الحديدي تطلب منهم ان يقرؤوا القليل في القران وتقدر بناء عليه مدى مستواهم في اللغة العربية وبالتالي اي صف يدخلون في المدرسة. إختيار القران كان لان اغلبهم كانوا مسلمين وكان وسيلة للتعرف على مستواهم.
وكانت والدتي تبرر هذا الامر وتقول: ” لا نستطيع ان نضع طفلا عمره عشر سنوات مع طلاب سبع سنوات.. سوف يؤثر هذا سلبا على معنوياتهم وبالتالي يصابون بالاحباط ويؤثر على قدرتهم التعليمية وبالتالي مستواهم،.. هؤولاء الأولاد أمانة بين أيادينا.”
وكانت أمي تطلب من المعلمات اللواتي استقبلن هؤولاء الطلاب ان يعطونهم بعض الاولوية في الصف وتشجعهم على المشاركة وتساعدهم بالشرح الاضافي!
وكبر الكثير من هؤولاء واصبحوا الشبان والشابات الناجحين اليوم وحفظوا الود والمحبة والاحترام لوالدتي .. والاهم من ذلك كانت محبتهم لسوريا!
العديد من هؤولاء اليوم هم أدباء وسياسيين وأطباء ومعلمين.
واعلم ان اخرين من سكان الحسكة قاموا بأعمال مشابهة لما قامت به والدتي لمساعدة القادمين الجدد.
وطبعا الحسكة وسوريا كلها كان سكانها من الأكراد الذين عاشوا فيها من عشرات السنين وهم اَهلها مثل بقية السوريين.
هؤولاء الأكراد الذين حفظوا المحبة لسوريا التي أصبحت امهم بالتبني هم صوت العقل حتى في عمق الحرب الأهلية ومحاولات العديد لاستغلال الموقف وتغيير جغرافية المنطقة.
احبائنا من الكرد ممن أتوا الى سوريا حديثاً، تشاوروا مع أحبائكم وأحبائنا ..
الرفق باهلكم واهلنا. ما هكذا تورد الإبل !











