بقلم: سناء سراج
عانيت من إصابتي بدور برد ابىَ أن يتركني وظلت أعراضه تلازمني ما يقرب من ثلاثة أسابيع دون جدوى من العقاقير التي تناولتها، ورغم ذهابي للطبيب او لاكثر من طبيب وحصولي على اجازة مرضية لمدة أسبوعين ونصيحة الطبيبة التي من المفترض أن تعتمد الاجازة المرضية إن أجري تحاليل اشتباه كورونا وعمل أشعة مقطعية على الصدر للاطمئنان ، وتزامنا مع هذه الإجراءات تحدثت مع الطبيب أن العلاج لا جدوى منه ومازلت أعاني من تعب شديد بصدري، واقترحت عليه أنني في أعوام سابقة كنت ااخذ لهذه الحالة حقنة كورتيزون لحساسية صدري، فأرسل لي اسم حقنة لأخذها حالا، وبالفعل اخذت الحقنة، ويالها من حقنة فتحت كوارث، وقمت في اليوم السابق بالاتصال بالمعمل الذي حضر مندوب لأخذ العينة من المنزل لعمل تحاليل اشتباه كورونا.. او كوفيد 19 لعنة الله على هذا الوباء الجائح.
وجاءتني النتيجة على الواتس اب بعد الثانية عشر ليلا، ان هناك أمران يستدعي القلق نسبة الحديد عالية جدا جدا في الجسم وانزيمات الكبد ايضا وان من الافضل عمل أشعة مقطعية على الصدر للإطمئنان، وقتها شعرت بالقلق ان هناك امرا ما يستدعي القلق فعلا، وبدأت أشعر أن جسمي ساخن وان رأسي به وجع ولكن ليس وجع الصداع العادي وكنا في عز الشتاء منتصف شهر ديسمبر2020، واشعر بالحرارة وجفاف فظيع في حلقي وشربت في تلك الليلة كمية مياه لا يصدقها أحد وأشعر بعدم الارتواء وبقيت هكذا طوال الليل حتى الساعة الحادية عشر صباحا، وألهمني الله أن أذهب لعمل الأشعة المقطعية في مستشفي القصر الفرنساوي، وبالفعل قمت بعمل عدة اتصالات ولم تفلح الا الاتصال بالأستاذ الخلوق أشرف مغاوري الذي أجرى اتصالاته وسهل لي امر عمل الأشعة والمسحة للتأكد من اصابتي بكورونا من عدمه.
وذهبت وكان يرافقني زوجي وابني ، وتعسر عمل المسحة والاشاعة فأقترح ان ادخل طوارئ الفرنساوي وقد تم بالفعل، ووصلت للطوارئ في حالة سيئة و مرهقة ومتعبة بشكل كبير، لم اذق طعم النوم منذ أكثر من 20 ساعة ولا طعام أو شراب من الفجر حتى قرب العصر، و دخلت طوارئ وقاموا بعمل بعض الفحوصات الأساسية مثل قياس الضغط والسكر ورسم القلب وخلافه وهنا كانت الطامة الكبري، الضغط مرتفع جدا رغم تناولي برشام الضغط صباحا على الريق يوميا، و المفاجأة المدوية هو اكتشافي أنني مصابة بمرض السكر دون علمي بل عند قياس السكر وجدوه صعد لرقم عالي جدا 650، كيف؟ لا ادري، وفيما بعد اكد الطبيب الذي ذهبت المتابعة معه وبفحصه لحالتي المرضية اكد انني مريضة سكر منذ سنة علي الأقل وهذا ما أكدته التحاليل والتراكمي والفحوصات، وتوالت الصدمات وبدأت قواي تهوي، ومر ما يقرب من أربع ساعات علي هذا الحال يتم متابعة حالتي وقياس السكر والضغط كل فترة، حتى ارسلوني الى مستشفى الباطنة ( في الفرنساوي ) للعزل وبقيت في حالة انتظار لمدة ساعة تقريبا وتم وضعي على جهاز الأكسجين او التنفس الاصطناعي، وفي انتظار الطبيبة التي تخاف ان تأتي الى الحالة حتى لا تصاب بعدوي الكورونا وذلك لضعف الإمكانيات المتاحة حيث سمعت حوارها مع بعض الاشخاص ان القميص الذي ترتديه ممزق وبه فتحات وليس لديها اوقية الحماية التي تٌأمنها من العدوي المميتة في بعض الأحيان ، وانتظرت بدون ضجر لاني اعذرهم، لو كانوا هؤلاء من اهلي ابنائي او اخوتي لخُلع قلبي عليهم اعانهم الله وحماهم وحفظهم، ويبدو ان الامر بالنسبة لي اختلف قليلا مع علمهم اني اعمل في مكتب رئيس الجامعة للعلاقات العامة، فاحظيت بقدر من الاهتمام والله أعلم ، فأنا لم أعش هذه التجربة المُرة من قبل، وبعد مكوثي فترة على جهاز التنفس الاصطناعي وارسال تقرير بحالتي الى مدير مستشفى الباطنة، أبلغتني الطبيبة أنني لابد من مغادرتي هذا المكان فورا حتي لا اصاب بعدوى لأنه لم يتبين بعد اني مصابة بكورونا، ام لا دا مجرد اشتباه، وتساءلت الى اين اذهب، ووقفت حائرة في منتصف الطريق بين الطوارئ ومستشفي الباطنة ومعي زوجي وابني فقمت بالاتصال بعدة اشخاص اعتقدت انهم المنقذ والملاذ في وقت الأزمات، وجميعهم خذلوني ولم يجب أحد على الهاتف.
وقتها لجأت الى الله، نعم هو الله الذي لا يتركنا ابدا ولكن لا أنكر الفضل للخلوق والإنسان الذي يوصف بأبسط الكلمات انه جدع وابن بلد وشهم أستاذ /اشرف مغاوري مدير إدارة الأمن في الفرنساوي، الذي جعله الله سببا في اكتشاف ما أعاني منه وكاد ان يقضي عليا والفضل لله ثم له هو، لم يتركني بالاتصال وزوجي وابني وارسل الينا بعض الزملاء لمساعدتنا ومرافقتنا من هنا وهناك، وتحدث لإناس في كل مكان ذهبنا إليه حتى عدت للطوارئ مرة أخرى والحقيقة انا لا ادري ماذا حدث من حوارات بين زوجي والطبيب ولكن اخبروني انه سيتم حجزي لمتابعة حالتي لان السكر عالي جدا ويأبى النزول وللأسف أثر علي أشياء أخري ومنها انه أصابني بجلطة في القلب ودمار لعدة أشياء في جسدي ولابد من حجزي، وبالفعل صعدوا بي الي الطابق الثاني في الفرنساوي وحدة الدكتور شريف مختار لرعاية القلب وعند باب الرعاية تركني اهلي وبقيت وحدي ولكن الله لم يتركني، وقتها كنت كشخص تائه و مستسلم لقدره ومنهك ووهن وضعيف القوي، وتم ادخالي غرفة منفردة واستبدلت ملابسي وارتديت قميص العمليات الذي يشبه رداء مستشفى الأمراض العقلية كما نراه بالأفلام ، ورغم برودة الجو لم اشعر بالبرد، وجاء الطبيب للاسف نسيت اسمه لاني لم أراه إلا مرتين او ثلاث مرات في أول ليلة لي بالقصر، وشرح لي انني لابد ان اركب كانونا كبيرة في رقبتي فقلت له لا دي هاتبقي صعبة اوي مش هاستحملها ركب في يدي وذراعي كذا واحدة عوضا عن رقبتي، فقال مش هتنفع، لان لو ركبناها في الذراع الوريد هايتحرق، انتي خايفة ليه انتي جربتيها قبل كدا قلتله جربتها في بنتي مريم رحمها الله وكنت اشعر انها مغروسة في قلبي وليس رقبتها.
قلي دي ابرة البنج، استسلمت وبعدها اخبرني ان هذا السن او الحقنه التي يبلغ طولها حوالي 15 سم هي من ستخترق العرق او الوريد في رقبتي، فصعقت من كبر حجمها، وانا التي ارتعش من سن الحقنة العادية فماذا أفعل بهذا الحجم، ولكن لا مفر وادخلها اول مرة ولن أتحدث عن الالم الرهيب البشع الذي شعرت به وهي تخترق مسامي وأوردتي، اول مرة لم تفلح ، جرب المرة الثانية في رقبتي ايضا ولم تفلح، اخبرني انه سيقوم بتركيبها في صدري واعطاني بنج ولكني كنت اشعر بالالم الرهيب ، بدأ الطبيب يدب هذا السن في صدري حتي شعرت بروحي تسحب مني وألم بشع ورهيب لا مثيل له وكأن شئ ما ينتزع شراييني واوردتي من صدري وذراعي.
واقسم بالله الم رهيب حفظنا الله وعفا عنكم ولا أراها الله لأحد، وتم تركيب الكانونا التي يخرج منها عدة فتحات كل فتحة تم توصيلها بخرطوم في نهايته جهاز وعلي الجانب الأخر جهاز القلب والنبضات يتدلى منه عدة خراطيم نهايتها متصلة بدوائر ملتصقة في أنحاء متفرقة في صدري، واذ بي أجدني طريحة الفراش مصابة بجلطة في القلب وسكري فوق ال500 وضغطي مرتفع وحالتي صعبة ولا أقوى على الحركة لأني مقيدة بعدد كبير من الخراطيم التي تتدلي من صدري وجسدي وتتصل بعدة اجهزة.
ناهيك عن الالم والوجع مع اي حركة او حتى نفس ورغم مرور أكثر من شهر على خروجي من المستشفى الا ان الاثر والالم مازال قائما بعض الشئ، الحمد لله اني نجيت من هذا..
انا التي جئت إلى هنا تحملني قدماي وكان بي كل هذا ولا ادري، بعدها انهرت و انخرطت في بكاء مرير حتى حضر لي الطبيب يواسيني ويقول لي انتي دلوقتي احسن انتي كنتي جاية في حالة خطر جدا، الحمد لله.
واستسلمت للواقع، واخبرني اني مستمرة معهم عدة أيام قد تصل لأسبوع، وبقيت في حالة انتظار أخذ المسحة وانتظار النتيجة حتى أتأكد من إصابتي بكورونا من عدمه.
وكانت هذه الأحداث يوم خميس وكان علينا الانتظار الى يوم السبت حتى يتم عمل المسحة وانتظار النتيجة بعدها بيوم وذلك لأنني محجوزة طوارئ وهتظهر بسرعة.
وحتى ظهور النتيجة التى أتت سلبية والحمد لله عشت المعاناة وخوف بعض الممرضات من التعامل معي وتحدث الأطباء المناوبين من خارج الغرفة، لأني اشتباه كورونا.
وبقيت هكذا لمدة ست أيام علي هذا الحال والسكر طالع نازل والضغط هكذا وحقن الأنسولين وكومه ادوية واجهزة وحالة تشبه حالة الطوارئ .
وكان من المفترض ان اعمل اشعة تلفزيونية على القلب للوقوف على الحالة وهل أحتاج تركيب قسطرة أو دعامة لا ادري بالظبط.
حدث دربكة ولخبطة واخبروني انني سأغادر المستشفى وأعود بعد عدة أيام لعمل الأشعة على القلب، فاتصلت بالخلوق الثاني الذي لم يتخلى عني وساعدني واقتص من وقته الثمين دكتور / وليد البوشي نائب مدير الفرنساوي، الذي أوجه له التحية والشكر والتقدير، وفي أزمتي لجأت للإنسانة العظيمة أستاذة/ سناء عويس مديرة مكتب نائب رئيس الجامعة التى لم تتخلي عني ابدا، واتصالها وسؤالها الدائم، والدكتور الرائع الخلوق دكتور /عبد الرحمن ذكري نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا الذي لا يتخلى عن احد ابدا.
أوجه لهم جميعا الشكر والامتنان والذين خذلوني لا يستحقون ان اذكرهم أو اتذكرهم.
حفظنا الله جميعا، وهذه حكاية التجربة المُرة وسبع ليالي قضيتها في القصر..