بقلم/ السعداوي الكافوري
تعتبر الشاعرة زكية العز واحدة من أهم الأصوات الشعرية النسوية على مستوى المشهد الثقافي المصري حيث تكتب شعر العامية وصدر لها عدة مجموعات شعرية مهمة منها “ ضل روحى “ ، “ نبضة حايرة “ ، “بنت بلد” ، “ جواك إنسان “ وغير ذلك من أعمال مزجت فيها الشخصي مع العام وضفرت من خلالها الواقعي بالمتخيل بطريقة وضعتها فى مصاف شعراء العامية الكبار ولاقت إبداعاتها تجاوبا لافتا من النقاد والقراء.
وحول مشوارها الحياتي والإبداعي كان لنا معها هذا الحوار:
س: بداية ماذا عن نشأتك الاجتماعية و ما هي مصادر تكوينك المعرفي ؟
ج: ولدت بمدينة السويس الباسلة قبل العبور العظيم وسمعت كثيرا من حكايات أبي وأمي عن أحداث الحروب ونكسة ٦٧ ودور المقاومة والفدائيين ومحاولة إعادة قوة الجيش مرة أخري جعل لي حس وطني وغرس في روحي شتلات الإنتماء وكان لإنتقال الأسرة بسبب طبيعة عمل الوالد بعدة محافظات كان له أثر بالغ فى إثراء تجربتي الحياتية فكل محافظة لها ثقافتها ، عشت بمنيا القمح شرقية حيث الثقافة الفلاحية وعشت بطنطا حيث الأجواء الروحية وعشت بمدينة السويس حيث ثقافة المقاومة المتجذرة الأمر الذي أدى لإتساع مداركى وزيادة خبراتى المعرفية وشكل منى حالة محتشدة بزخم ثقافي ومعرفي وطني وديني واجتماعي ، ولقد تأثرت بشعراء وكتاب من مصر مثل العظيم يوسف السباعي وكتاباته الفريدة نائب عزرائيل وبين السما والأرض وأرض النفاق ورأيته كاتبا رشيق الفكر ظريف له رؤية مختلفة عندما يكتب، أيضا قرأت نجيب محفوظ أديب مصر الذي وصل للعالمية من عمق المحلية وقرأت كل أعمال دكتور مصطفي محمود الذي ضفر العلم بالإيمان بتطريز منمق للأفكار التي تدور بداخلنا وتعرفت مبكرا على شعراء العامية العظماء من أمثال فؤاد حداد وصلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم والأبنودى وغيرهم كل هؤلاء ساهموا فى صياغة مخيلتي الشعرية وتشكيل رؤيتي للكون والمجتمع والناس.
س: القارئ لأعمالك الأدبية يدرك منذ الوهلة الأولى أن لديك ولعا مدهشا بحياة البسطاء والمهمشين فما سبب هذا الولع وذلك الإهتمام؟
ج: البسطاء والمهمشين من الأمة هم النسبة السائدة بمجتمعاتنا والسبب الثاني كما إنني واحدة منهم لدي أحلامهم وآمالهم وأعاني وأشعر بنفس المشكلات ولكني أراها بعين الكاتبة والأدبية أرى النصف الممتلئ من الكوب وارى الجمال بالأشياء وأحاول التفكير بالحلول، ودائما أستشعر الخير قادم وآتي في طيات الصبر فأنا بنت الحارة المصرية وأنتمى لهؤلاء البسطاء.
س: ماذا عن علاقتك بالحركة النقدية وهل نالت إبداعاتك إهتماما نقديا يليق بها ؟
ج: يعتبر النقد محورا مهما فى مجال الكتابة الأدبية لأنه يضئ الطريق أمام الأديب ويبين له إذا كان يسير على الطريق الصحيح أم لا ، وعلى مدار التاريخ كان هناك نقاد كبار تركوا أثرا كبيرا فى إلقاء الضوء على مبدعين ومبدعات وتعريف جمهور القراء بهم وبتاجهم الإبداعي ، لكن للأسف الشديد حادت الحركة النقدية مؤخرا عن الطريق السليم وصارت تتحكم فيها أمور مثل المحسوبية والشللية والصداقة وبالتالى صار الدراسات النقدية فى معظمها عملية غير موضوعية ويحكمها الهوى.
س: ماذا عن الجوائز فى مسيرتك الإبداعية ؟
ج: أنا أرى أن الجائزة أمر مهم بالنسبة للأديب لأنها تعطيه حافزا مهما وتدفعه للتجويد وتمنحه بعضا من المال يساعده على المضى قدما على مسارات الحياة ، ولقد حصلت مؤخرا على جائزة النشر الإقليمي ولن أعرف كيف أصف لك درجة شعوري بالفرح حينما علمت بفوزي بهذه الجائزة لأنها تعنى ضمنيا إعتراف رسمي ومؤسسي بما أكتبه خاصة وأن الجهة المانحة للجائزة تعد جهة حكومية وهى الهيئة العامة لقصور الثقافة ناهيك عن الحافز المعنوي الذى تمنحه الجائزة للمبدع.
س: عشت حياتك بين أكثر من مدينة مصرية فما هى تجليات تلك الرحلة الحياتية المتغيرة فى مشروعك الأدبي ؟
ج: فعلا تنقلت بين أكثر من مدينة مصرية وللعلم أدركت أن لكل مدينة من المدن المصرية طابع ولكل محافظة ثقافة وثمة حدود وفروق بين كل مدينة وأخرى وهذا أتاح لى الإلمام بالبانوراما الثقافية المصرية دون قصد منى وهكذا تشكلت شخصيتي من ثقافات فلاحين وصيادين وبدو وأهل حضر ، وبالتالي كانت التجربة ثرية والخبرة أكثر.
س: ما رأيك فى دور أندية الأدب والروابط الأدبية خاصة فى الأقاليم ؟ وهل تؤدى هذه الأطر الدور المناط بها ؟
تلعب أندية الأدب دورا مهما على مسارات المشهد الثقافي باعتبارها تجمع لأدباء ومبدعين تحت مظلة رسمية يتوفر لها الدعم والإمكانيات وبالتالي لو تم العمل من خلالها بطريقة صحيحة لأصبحت معملا لتفريخ الأدباء سيما وأنه بها مجالات واسعة لتلاحق التجارب و الخبرات ، وأعتقد أن أندية الأدب بالأقاليم تعتبر مكونا أساسيا فى المشهد الثقافي العام خاصة وأنها ترفد هذا المشهد بمبدعين جدد وبإنتاجات أدبية جديدة.
س: فى ظل التطور المذهل لوسائل الاتصال الحديثة هل صار المستقبل كله للنشر الإلكتروني أم أن الكتاب الورقي بشكله التقليدي سوف يظل صامدا أمام الحوسبة وأنساق المالتى ميديا الحديثة ؟
ج: رغم التطور التكنولوجي لاسيما فى مجال الحوسبة والرقمنة والمالتى ميديا وظهور النشر الالكتروني بكثافة، سيظل الكتاب الورقي بشكله التقليدي له حالة من الشغف فهو صديق الوحدة والسهر معه تشعر بالألفة وتشعر أيضا بالإئتناس كما هو حال الإذاعة، فالإذاعة لها دور رغم كثرة الفضائيات ولكن ستبقي للإذاعة بهجتها ورونقها.
وفي نهاية الحديث شكرنا الشاعرة المصرية زكية العز وتمنينا لها كل التوفيق.












