بقلم: هديل مشلح
في ظل التقدم التكنولوجي الحديث الذي نعيشه ونتمتع به في وقتنا الحالي أصبحنا حبيسي هواتفنا الذكية نتيجة لهذا التقدم , فأصبحت أيدينا مغلولة على هواتفنا و تكاد لا تخلو أي يد من هذه القبضة على الهاتف , نعبر عن فرحنا و حزننا و تضامننا بكبسة زر الكترونية , لا نوفر وقتاً في التصفح سواء عند الأكل وفي العمل وفي المدرسة وأمام التلفاز و في دور العبادة ووسائل المواصلات فأصبح الهاتف الذكي يلازمنا كظلنا و رفيق لدربنا و مستودع لأسرارنا , نوثق لحظاتنا السعيدة منها والحزينة , أصبحنا عبيداً لهذه الهواتف وأصبحت حياتنا متعلقة به .
في جلساتنا نجلس سوياً ولكننا لسنا مع بعضنا فكل غارق في عالمه الافتراضي ,ترى الجميع منكّسي الرؤوس يشغل تفكيرهم ما يقرؤون أو ما يشاهدون فيصبحون في عالم آخر لا يدرون عن واقعهم شيئاً .
أصبحنا نطقطق الأزرار أكثر من نطقنا للأحرف و نعيش عزلة اجتماعية بصحبة هواتفنا الذكية وقد باتت هواتفنا تشكل هاجساً خطراً على صحتنا ومجتمعنا ولكن مع ذلك لا نستطيع الاستغناء عنها ونعيش بلا خصوصية تُذكر حتى في بيوتنا .
في الوقت الذي نستطيع التواصل فيه اجتماعيا ًبشكل حقيقي بتنا نكتفي بإرسال الرسائل الالكترونية وإرسال الإيقونات لتفسير مقصدنا و فهم مشاعرنا بدلاً من معرفة الحالة الحقيقية التي نعيشها عند مقابلة عزيز علينا أو صديق في حين تلاشى الإحساس بدفء المشاعر .
لقد أصبح من الضروري زيادة وعي الأشخاص تجاه الهواتف الذكية وكيفية استخدامها باعتدال دون أن تسبب لنا الإدمان ومن الضروري التحذير لمخاطر حيازة الأطفال لهذه الأجهزة الذكية والتي يستطيعون من خلالها بكبسة زر أن يصلوا لكل ما يخطر ببالهم ولا يخطر ببالنا , كم من القصص سمعنا عن أطفال اغتيلت طفولتهم جراء إهمال ذويهم بإعطائهم مثل هذه الأجهزة الذكية من دون رقابة مشددة عليهم .
و كم من حالة طلاق وخيانات زوجية تسببت بها مواقع التواصل الاجتماعي والبرامج المختلفة بسبب التواصل الخاطئ بين زمرة من الأشخاص وكم من زوج أهمل عائلته بسبب تصفحه على هاتفه الذكي وأم أهملت بواجباتها وقد سرقها الوقت بسبب الإدمان على هاتفها الذكي.
هواتفنا ذكية ولكن هل استخدمناها نحن بذكاء؟ وهل استفدنا من هذا الذكاء فيما يساعدنا على الحياة أم أننا أصبحنا ملبدي المشاعر والإحساس وباردين تماماً كتلك الأجهزة التي تصبح إصدارا بعد إصدار أكثر ذكاء وأكثر شمولية ونحن بالمقابل أقل ذكاء و أقل استخداماً لعقولنا التي باتت باردة متحجرة كما هو حال عيوننا الثابتة على شاشاتها المشعّة .
أجساد بلا أرواح و حياة بدون خصوصية و ذكاء افتراضي سرق عقول الأغلبية , وقت مهدور وأرواح مسلوبة , عيون متحجرة و أيد على الهواتف مشدودة . هذا هو حالنا فلا تعجب كيف وصلنا إلى هنا .