بقلم: خالد بنيصغي
من الصعب جدا في زمن العبث هذا أن نعيش جميع أنواع الأشباه في الحياة ، أشباه الرجال ، وأشباه النساء ، وأشباه الإنسان بصفة عامة ، إلا أننا اليوم نعيش كذلك أشباه الدول بامتياز .
نعيش اليوم أزمة جديدة – قديمة بين المغرب والجزائر ، وتصعيد غير مسبوق منذ حرب الرمال سنة 1963 من القرن الماضي ، التصعيد الأحادي الجانب أيضا جاء من الجزائر بشكل مسعور ، ويمكننا رصده من خلال تصرفات غريبة للحكومة الجزائرية في النقط التالية :
- حرائق الغابات تقول الحكومة الجزائرية إن السبب هو المغرب ، وهي تكذب على العالم بدون أي دليل أو سند ، المهم عند حكام الجزائر هو أن يكون المغرب سبباً لأي مشكل طارئ للجزائر ، بالرغم من أن المغرب لم يسلم بدوره من حرائق غاباته وكذلك العديد من دول العالم .
- يأس مرتزقة البوليساريو ومعها الحكومة الجزائرية بسبب طول مدة الصراع دون تحقيق أي مكسب يُذكَر ، على عكس المغرب الذي هو في صحرائه ، والصحراء في مغربها ، هذا اليأس الذي دام 46 سنة، وستظل الصحراء مغربية بفضل الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، – هذا اليأس – وصل مداه عندما نبَّه ممثل المغرب لدى الأمم المتحدة في سياق الكلام فقط إلى وجود ( منطقة القبائل ) بالجزائر وهي تريد الانفصال أو الاستقلال عن الجزائر ، وتساءل إن كانت الجزائر تود أن تنصت لهم باعتبار ادعاءاتها احترام حقوق الإنسان وتحرر الشعوب ، ثارت الجزائر وأقامت الدنيا ولم تقعدها ، في حين تنسى أنها سبب في افتعال مشكل الصحراء ، وتنسى كيف صبر المغرب وصمد طيلة هذه المدة ، فيما تضجرت الجزائر سريعا لمجرد تقرير لممثل المغرب .
- قرار آخر من الجزائر لتوقيف الرحلات الجوية بين البلديْن ، والسبب لا يعلمه إلا حكام الجزائر الذين يحملون هذا الكم الهائل من الحقد والحسد للمغرب الذي لم يضر الجزائر على مدى التاريخ في أي مصلحة وطنية تعنيها .
- ويأتي دور الرياضة أيضاً بأخبار لا يمكن للعقل السليم أن يتقبلها إطلاقا، قام المدرب الجزائري الكفء “ جمال بالماضي “ ومعه جل لاعبي المنتخب بانتقاد أرضية ملعب “ تشاكر “ بالجزائر ، فيما تحدث عن ملعب مراكش بالمغرب ( حيث أقيمت مباراة بوركينافاصو والجزائر على أرضيته بعدما اختارت بوركينافاصو استقبال مبارياتها بالمغرب ) على أنه يحمل جميع المواصفات العالمية ، هذه المقارنة الواضحة لم تعجب الدولة الجزائرية ، فخرج أحد صحافييها بتصريح غريب ومضحك في نفس الوقت ، وادعى فيه أن المغرب هو السبب في سوء أرضية ملعب “ تشاكر” في الجزائر ؟؟ وسأله مقدم البرنامج مستغربا ، إن كان يقصد أن المغاربة أتوا إلى الملعب ووضعوا الرمال مثلا حتى لا ينبت العشب ؟؟ مع العلم أن الاتحاد الدولي صادق على 7 ملاعب مغربية بجودة عالمية ، فيما لم يصادق إلا على ملعبيْن اثنيْن للجزائر .
- وفي الرياضة دائما رفضت لجنة المسابقات في الاتحاد الإفريقي اعتراض الجزائر على الحكم المغربي “ الكزاز “ الذي عينته اللجنة للقاء النيجر وبوركينافاصو الذي يقام في المغرب من نفس مجموعة الجزائر ، رغم أن تأهل منتخب الخضر بين أقدام اللاعبين حيث سيلعب في الجولة الأخيرة بالجزائر خلال الأسبوع المقبل بحول الله ، ونحن نؤمن أن المنتخب الجزائري يستطيع أن يفوز ويتأهل إلى الدور الفاصل المؤهل لمونديال قطر 2022 ، في حين نستغرب كل هذه التصرفات الغريبة من الجارة الشرقية ، وسواء كان الحكم مغربيا أو غير مغربي لمباراة النيجر وبوركينافاصو ، فإن الفوز على الورق يميل لصالح المنتخب البوركينابي .. فم الذي سيتغير؟؟
- وتستمر الجزائر في إصدار قراراتها من جانب واحد بقطع إمدادات الغاز الطبيعي المتوجه إلى أوربا من إسبانيا والبرتغال عبر التراب المغربي ، وذلك بعدم تجديد العقد مع المغرب ، الجزائر تعتقد أنها بهذه الخطوة ستأزم المغرب اقتصاديا ، لكن هذا الأخير لم يكن أصلا يعتمد على الغاز الجزائري إلا بنسبة ضئيلة جدا ، لذلك لم تؤثر هذه الحصة من الغاز إطلاقا على المغرب ، والذي هو أمام اختيارات وبدائل كثيرة متاحة أمامه ، أهمها أن يرفع من حصة الاستيراد للغاز الأمريكي لتعويض هذا النقص الضئيل وانتهى الأمر . لكن يبدو أن الجزائر تقوم بكل هذه التصرفات بعدما أغضبها تطبيع المغرب مع إسرائيل ، وهذا موضوع آخر سنعود له بالتفصيل إن شاء الله في مقال آخر .
المغرب بقيادة الملك محمد السادس لم يرد ، وفي ذلك حكمة بالغة لا يفقهها إلا المتمرسون في السياسة والاقتصاد وأخلاق الجوار ، المغرب يحتفل في هذا الشهر بالذكرى 46 لانطلاق المسيرة الخضراء المظفرة، والخطاب الملكي المتعارف عليه في كل مناسبة وطنية أو دينية جاء على عكس التوقعات ، حيث لم يشر إلى أي شيء من تصرفات الجزائر، لكنه في المقابل أكد أن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها إلى آخر رمق من حياة المغاربة الكرام .. دمتم بود .