الأديبة والباحثة : إخلاص فرنسيس
تقترح الورقة البحثية المقدمة بهذا الشأن، مناقشة التحدي المطروح في العنوان في شقين يمكن اعتبارهما متناقضين، والسؤال الذي يطرح ذاته، هل علاقة المرأة بقضية التحدي تشمل قدرتها على أن تتحدى استمرار الوجود الأسري، أو العكس صحيح.
وترى الباحثة ان الأنثوية والذكورية ليس إلا مصطلحاً اجتماعياً نظرياً لا يقتصر على جنس من الاجناس البشرية وإنما هو سلوك ممكن أن يكون نتيجة لظروف تربوية ونفسية وتراثية، تغذى كثيراً على فكرة الصراع السلطوي والحصول على مكانة بين الطرفين.
*فقد اشارت العلوم الجندرية في مضمونها أن السلوك الذكوري أو الأنثوي ما هو الا طرق متباينة في أسلوب التربية والتلقين الثقافي في كل ما يتعلق بالسلوك، فقد يكون الجنس ذكر ويتلقن سلوك الانثى في بيئته والعكس صحيح، فهناك طيف متباين بين ما هو ذكوري وما هو انثوي يخلقه تراث المجتمع ويقره ويصدق عليه.
وتشير النظرية التي تفرق بين الجندر والجنس، ان الجنس يشير إلى السمات البيولوجية والفسيولوجية التي تميز النساء والرجال عادة. أما الجندر فيتجذر في الأعراف الاجتماعي لا في البيولوجية ذلك أنه ينبع من التصورات المسبقة للمجتمعات المتعاقبة وما يحدث عند مقارنة الرجال وما ينتج عن ذلك،
*تعتبر المعايير الجندرية من وجهات نظر للمجتمع:
مثلاً قد تشمل وجهات النظر، بعض الأمثلة،
أن لا يبكي الرجال. ويجب على النساء وضع المكياج،
المرأة تعتني بالأطفال، الرجل هو المعيل.
توزيع الأدوار حسب الجندر، مجموعة منفصلة من المسؤوليات التي يريد المجتمع من الرجال والنساء تحملها
وتتمثل القوالب النمطية وجود أفكار مبالغة في التبسيط حول الأشخاص بناء على جندرهم ومن الأمثلة:
ـ تحب النساء النميمة
ـ والرجال أفضل من النساء في الرياضيات.
هذه الأشياء كلها مرتبطة ببعضها البعض تعزز بعضها البعض، وللحد من التمييز بين الرجل والمرأة يجب معالجة المعايير والأدوار والقوالب النمطية التي يمكن أن تعيق أي شخص من الوصول إلى إمكاناته الكاملة.
وبناء على ما سبق أستطيع أن أزعم ان فكرة الذكورية التي تدعمه المرأة وتسوق لها دائماً هي في الأساس فكرة ثقافية ذات طابع جندري.
ويمكننا أن نصدر وجهة نظرنا في شقين: ـ
الشق الأول، وقديشمل سلوك المرأة هدم أوإنهاء الكيان الأسري نتيجة لتصرفات قد تكون نابعة من الثقافة الموروثة أو نابعة من مؤثرات نفسية أو تربوية جعلتها تتصرف بشكل له ملامح عدائية، وبالتالي فإن المرأة لها دور لا يُمكن إغفاله سواء في الجوانب السلبية أو الإيجابية.
أما الشق الثاني، فهو يختص بالجوانب الإيجابية فهناك من تحرص على استمرار العلاقات الأسرية السوية، وهناك العديد من برامج المرأة التي تناولت هذه الجوانب ودعمتها، وكثيراً ما تناولت البحوث والدراسات قضايا كثيرة مشرفة لنماذج ناجحة منها المرأة المعيلة وسيدات كان لهن نصيب وافر في خلق أسر سعيدة بالإضافة إلى دورها الاجتماعي البارز، وبسبب أن هذا الجانب الإيجابي قد طرح بشكل وافرفسنتركه جانباً في ورقتنا على الأقل في الوقت الحالي.
أما الجانب الذي أود الإشارة إليه هو الجانب السلبي من التحدي، والذي اختفى تحت مفهوم النزعة الذكورية الذي دُعّم كثيراً من الاعلام وكأن هناك صراعا وجودياً بين رجل يستخدم كل انواع التعسف في مقابل امرأة مسكينة تواجه هذا الجبروت المطروح إعلاميا تحت مفهوم الذكورية المستبدة، مع العلم أن هناك جانب يمكن اعتباره صحيحاً في هذه القضية ولكنها أخفت وبشكل قد يكون متعمداً وبخاصة من المؤتمرات والملتقيات التي تتزعمها النساء إلى حد كبير، وتدور المناقشات في الغالب في سرد إنجاز المرأة المشرف من الناحية التاريخية الصرفة، او خلق صراع تحت مصطلح الذكورية الطاغية في مقابل أنثوية ضعيفة مقهورة وبالتالي تعمد الجميع إغفال وجهة النظر التي تشير إلى أن هناك امرأة قد تكون ذكورية النزعة وتكاد أن تكون سبباً من أهم الأسباب التي تتحدى استمرار الكيان الأسري.
ويبرز سؤالا مهماً، هل يمكننا أن ننكر في واقعنا العربي أن هناك نساء لديها غيرة عنيفة من زوجات أبنائها وتسبب بشكل أو بآخر في انهيار العلاقة الزوجية بينها، وهل يمكن أن ننكر أيضا أن هناك أمهات يستأسرن بأبنائهن الذكور وتملي عليهم شروط في مقارنة حبها لابنها وحب الابن لزوجته مما يخلق العديد من المشاكل، بالإضافة إلى أن هناك نساء تحمل العديد من ثقافة العنف الموروث من المجتمع وتورثه لأولادها، باعتباره أحد الموروثات الثقافة السلبية، فهناك من تعتقد في أن الضرب والإهانة هي احد أهم سبل التربية وهي لا تدري أن كل هذه الأفعال لها مردودها السلبي على الاسرة الممتدة.
ففي *الملتقى الدولي الأخير الذي عقد في أكتوبر ٢٠٢٣ بمدينة القاهرة، كانت هناك بحوث أشارت
بشكل صريح ومباشر، إن أحد أهم مسببات القتال والثأر في جنوب مصر، السبب الرئيسي والأساسي لها هو إرضاء المرأة حتى سميت الممارسة بإنها (من اجل جفاف دموع المرأة الباكية) على قتيل أحد أفراد اسرتها، وأنها لا يهدأ لها بال حتى يتم الانتقام من الفاعل.
تجدر الإشارة أننا في حاجة إلى إلقاء الضوء على النساء اللواتي هن سبب أساسي في قضية التحدي
الأسري من الناحية السلبية، وهذا يحتاج إلى مواجهة الواقع بأن القضية ليست قضية تحدي بين الرجل والمرأة في المكتسبات والسلوك إنما بالكشف عن ما هو السبب الحقيقي لمعالجة القضايا المطروحة سواء كان المسبب رجل او امرأة دون حساسية واتهام طرف على حساب طرف آخر.
وبالتالي فإننا نخلص إلى مفهوم إن الذكورية ليست حكراً على الرجال، فقد يكون هناك ذكورية في نصوص قانونية، وقد يكون هناك ذكورية في تصرفات امرأة، ونعتقد أن مفهوم الذكورية ولد كمصطلح ثقافي قد يكون سابق أو لاحق بفكرة الانثوية او الاتجاه النسوي الذي أتضح جليا في فكر جان جاك رسو عندما طُرحت قضايا تتعلق بالعنف داخل المجتمع بشكل عام.
ولا يخفى على أحد أن أحد قضايا الجندر الرئيسية كما أشرنا سابقاً هي ما يختص بأن يكون الفرد أنثى وإنما تربى على مفهوم ذكوري وقد يكون الشخص ذكر وقد تربى على مفهوم أنثوي، وبالتالي فإن التربية المجتمعية هي أصل الداء في وجود أم تزرع في الأبناء سلوك يخص الذكر وسلوك يخص الأنثى وقد تخلط المفهومين وتستبدلهما مما يسبب بلبلة في هوية الشخص ومعرفته لذاته.
إضافة إلى ذلك أن هناك في عصر السموات المفتوحة وتعدد وسائل الاتصال الاجتماعي فقد ساعدت تلك الوسائل برغم إيجابيها على سرعة هدم العلاقة الاسرية نتيجة سهولة تدخل الاخرين استغلال البعض هذه الوسائل والاتصال في تأجيج المشكلة بدلا من حلها.
- عن موقع:
genderandmedia .bbcmediaaction .org - الملتقى الدولي الأول سلطة اللغة والأداء ما بين الشعبي والفصيح، شعر الحب والغزل نموذجاً، (من اجل جفاف دموع المرأة الباكية) بحث مقدم من د. احمد سعد جريو